الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
صفحة 1 من اصل 1
الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )) مختصر صحيح مسلم ... تحقيق الألباني ... (537)
يوم القيامة يوم عظيم أمره شديد هوله لا يلاقي العباد مثله ويدل على عظيم هوله أمور منها : الأول : وصف الله لذلك اليوم بالعظيم وحسبنا أن ربنا وصفه بذلك ليكون أعظم مما نتصور وأكبر مما نتخيل فقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم ((أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) سورة المطففين 4-6 ووصفه في موضع في موضع آخر بالثقل فقال الله تعالى ((إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا )) سورة الإنسان 27 وفي موضع ثالث بالعسر فقد قال الله تعالى (( فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ )) سورة المدثر 9-10 ولشدة الهول تشخص أبصار الظلمة في ذلك اليوم ، فلا تطرف لشدة الرعب ولا وقال الله تعالى في موضع آخر (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... )) سورة لقمان 33 وقال تعالى : (( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ )) سورة البقرة 48 حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ قَالَ فَيُقَالُ لَقَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ )) آل عمران 91
فيوم القيامة يوم عظيم شديد الأهوال شديد الحر عظيم الكرب فيبلغ الناس من ذلك مالاً يطيقونه ولا يحتملونه حيث العرق فمنهم من يبلغ به العرق إلى كعبيه ومنهم من يبلغ به ركبتيه ومنهم من يبلغ إلى حجزته ومنهم من يبلغ إلى ترقوته ومنهم من يبلغ إلى أنصاف أذنيه حتى يلجمه إلجاماً ويغوص في الأرض سبعين ذراعاً وفي ذلك الحر وتلك الشدة يظل الله طائفة من عباده المؤمنين وسبعة من أوليائه المتقين الذين صفت عقيدتهم وزكت نفوسهم وراقبوا الله في سرهم وعلانيتهم خوفاً منه ورغبة فيما لديه فهم يوم القيامة في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله .
1. الْإِمَامُ الْعَادِلُ . وهو كل من تولى شيئاً من أمور المسلمين فعدل فيه من حاكم وأمير وقاض وغيرهم من ولاة العدل الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولو فلا يطمع ظالم في حيفهم ولا ييأس مظلوم من عدلهم بل ينصفون المظلوم من الظالم والضعيف من القوي .
2. َشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ . شاب امتلأ قلبه حبا لله سبحانه وتعالى واكتمل فوة ونمواً ولازم عبادة الله وراقب مولاه سره وجهره منذ صباه وهو يتمتع في طاعة ربه وعبادته وذكره وشكره ومحبته وخوفه ورجائه لم تغلبه الشهوة ولم تخضعه لطاعتها ودوافع الهوى والطيش .
3. َرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ . من حبب إليه المساجد فيظل متعلقاً بها قلبه يسرع إليها إذا حان وقت الصلاة ويحافظ على أوقاتها والمساجد مجتمع المسلمين ومناط وحدتهم والتأم كلمتهم ، وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد فقال تعالى (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )) سورة النور 36-38
ولقد أحسن من قال
وخير مقام قمت فيه وحلية ***** تحليتها ذكر الإله بمسجد
4. َرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ . رجلان تمكنت بينهما أواصر المحبة والصداقة المتينة الخالصة لله من شوائب النفاق وانتقاء النفع الدنيوي لا يؤثر فيها غنى ولا فقر ولا شدة ولا رخاء ولا تزيدها الأيام إلا رسوخاً سرهما في طاعة الله وجهرهما في مرضاته لا يتجاهران بالمعاصي ولا تسعى أقدامهما إلى فسق أو فجور تجمعهما رابطة الدين وحبه وتفرقهما الغيرة على الدين والذود عن حرمته لا لعرض زائل أو متاع من الدنيا قليل وفي الحديث (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) رواه البخاري ومسلم . فالحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان وأحب الأعمال إلى الله
5. َرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ . رجل دعته أمرآة اجتمعت لديها دواعي الغنى والطغيان وجمال رائع وحسب ونسب ومال يغري ذوي النفوس المريضة والإيمان الضعيف ولكنه صدها وزجرها عما هي فيه وذكرها بالله وشدة بطشه لانه يعرف بإن الله سبحانه وتعالى يراه ويعلم سره وعلانيته وسوف يجزيه على عمله فهو خائف من الله ولا يقوى على عصيانه ولا يطيق عذاب نيرانه .
6. َرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ . رجل يتصدق من ماله يبتغى رضوان الله سبحانه وتعالى لا يريد من الناس جزاء ولا شكورا فهو يوم القيامة في ظل عرش الرحمان وقد قال الله تعالى ((الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )) (274) وقال الله تعالى : (( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )) البقرة 271
7. َرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ . من عظمة الله سبحانة وتعالى وجبروته وعزته وقوة سلطانه وشدة عقابة وسعة رحمته بعباده المؤمنين وجزيل إحسانه فاغرورقت عيناه بالدموع وفاضت روحه طمعاً في ثواب ربه وغفرانه وخوفاً من عذابه لم يفعل ذلك رياءً ولا سمعة بمشهد مما سمعه من الناس إنما خشية من الله وفي الحديث (( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع )) صحيح الترمذي ، صحيح الألباني رقم الحديث 1881
فهؤلاء الأنواع السبعة من الناس يظلهم الله في ظله في ذلك اليوم الذي تجتمع فيه الخلائق في صعيد واحد وتدنوا الشمس من رؤوسهم ويشتد الحر ويعظم الكرب حيث لا يجدون سقفاً يستظلون به ولا شجراً يتفيئون ظلالها في هذا الوقت العصيب تؤخذ هذه الأصناف السبعة ويوقفون تحت العرش فلا يرون حراً ولا شدة ولا بأساً . اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك واسقنا من حوض نبيك محمد صلى الله عليه وسلم شربة لا نظمأ بعدها أبداً يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
________________منقول
زكريا محمد وحيد- عدد المساهمات : 1167
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 74
الموقع : العباسيه القاهره
مواضيع مماثلة
» التفكر في آيات الله الكونية وإنها أعظم دليل على وحدانية الله عز وجل ـ ذكر الله سبحانه وتعالى ومحبته يكون بالقلب واللسان والجوارح
» تزايد عدد البريطانيون الذين يعتنقون الاسلامفى السنوات العشر الماضيه
» محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم(تابع ماقبله)
» محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاته وابناءه واسماؤه صفاته
» مديح فى رسول الله صلى الله وعليه وسلم
» تزايد عدد البريطانيون الذين يعتنقون الاسلامفى السنوات العشر الماضيه
» محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم(تابع ماقبله)
» محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاته وابناءه واسماؤه صفاته
» مديح فى رسول الله صلى الله وعليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى