دار الجزاء والعمل - الكذب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
دار الجزاء والعمل - الكذب
دار الجزاء والعمل - الكذب
الشيخ : الحمد لله مستحق الحمد وأهله المجازي خلقه جزاءً دائراً بين فضله وعدله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا شريك له في ملكه وحكمه وأشهد أن محمد عبده ورسوله أفضل رسول أرسله إلى خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومتبعي هديه وسلم تسليماً كثيرا
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أن للإنسان أربع دور يقطنها مرحلة مرحلة فأول دار يكون فيها بطن أمه حين حين يتم له أربعة اشهر فيبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أما سعيد أما الدار الثانية فهي دار الدنيا دار الابتلاء والامتحان دار العمل للآخرة دارٌ يغبن فيها الناس في أعمالهم للآخرة فمنهم مؤمن ومنهم كافر ومنهم عدل ومنهم فاسق ومنهم جائر ومنهم ظالم فيختلف الناس فيها اختلافاً كثيرة ولكن الله يقول : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) أما الدار الثالثة فهي دار البرزخ حينما ينتقل الإنسان من دار العمل إلى الدار الآخرة فإن البرزخ وهو القبر أو ما كان قائماً مقامه منزلة بين الدنيا والآخرة ولهذا سمي برزخا والبرزخ هو الحائل بين شيئين أو الفاصل بين شيئين قال الله عز وجل : ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) هذا البرزخ برزخ بين موت الإنسان الذي به قيام قيامته لأن من مات فقد قامت قيامته وصار من أهل الآخرة لا من أهل الدنيا ولكنه برزخ يبقي فيها الإنسان إلى أن تقوم الساعة الكبرى أما الدار الرابعة فهي إما نار وإما جنة ليس للناس دار سواهما فالناس إما من المؤمنين فهم في الجنة وإما من الكافرين فهم في النار جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة وأبعدنا من النار وأهلها أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون اتقوا النار بطاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا اتقوا النار فإنها دار البوار دار البؤس والشقاء و الخزي والعار دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ساكنوها شرار خلق الله من الشياطين واتباعهم قال الله عز وجل مخاطباً إبليس ( فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ)(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) إنها دار فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وغيرهم من طغاة الخلق وفجارهم ولئن سألتم عنها فإنها في أسفل السافلين أبعد ما يكون عن دار رضي رب العالمين فهي دار عقاب الله وهي أبعد شي عن رحمة الله لأنها دار عدل الله عز وجل يؤتي بها يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حرها شديد وقعرها بعيد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبع من سبعين جزء من نار جهنم قالوا يا رسول الله إنها أى نار الدنيا لكافية قال إنها فضلت عليه بتسعة وستين جزء كلهن مثل حرها وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وجبة أى صوت شي سقط فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفاً يعنى سبعين سنة فالآن حين انتهى إلى قعرها أخرجه مسلم وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال وفي الصحيحين أعني صحيح البخاري وصحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقال لليهود والنصارى أتدرون من النصارى أقول أنا هذا هم الذين يسمون أنفسهم الآن بالمسيحيين وهم أبعد الناس عن دين المسيح عيسى ابن مريم لأن عيسى بن مريم لو أنه بعث لكان متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي وموسى أفضل من عيسى ومع ذلك لا يسعه إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم بل قال الله تعالى في كتابه : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ومن المعلوم أن الذي صدق ما مع الأنبياء قبله هو محمد صلى الله عليه وسلم أيها المسلمون أعيد الحديث مرة أخرى لطول ما تكلمت به أثناءه في الصحيحين أعني صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لليهود والنصارى يقال ماذا تبغون فيقولون عطشنا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تريدون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعض فيتساقطون في النار قال الله عز وجل : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً) أيها المسلمون يا عباد الله يا من آمنوا بالله واليوم الآخر ما ظنكم بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف عام لم يأكلوا فيها أكله ولم يشربوا فيها شربه قد تقطعت أكبادهم جوعا واحترقت أجوافهم عطشا ثم انصرف بهم إلى النار وهم يطمعون في الشراب فلا يجدون إلا النار يلقون فيها : (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ) قد ملأها الله تعالى غيظاً وحنقاً على أهلها تكاد تميز من الغيظ يلقون فيها أفواجا يوبخون بالتقريع والتوبيخ : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) أيها المسلمون والله إن هذا هو الذي يقابلون به عند دخولهم النار توبيخ وتقريع وإهانة وتنديم فتتقطع قلوبهم آسفا وتذوب أكبادهم كمداً وحزنا ولكن ذلك لا ينفعهم فإذا دخلوها فما أعظم عذابهم وما أشد عقابهم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون طعامهم الزقوم وهو شجرٌ خبيث مر الطعم منتن الريح كريه المنظر يتزقمونه تزقماً لكراهيته وقبحه ولكنهم يلجئون إلى ذلك لشدة جوعهم فلا يسمن ولا يغني من جوع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزغوم قطرة في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم رواه النسائي والترمذي وقال حسن صحيح فإذا ملئوا بطونهم من هذا الطعام الخبيث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع التهبت أكبادهم عطشا فلا يهيئ لهم الشراب لأول مرة ولكنهم يستغيثون وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل وهو الرصاص المذاب يشوي الوجوه حتى تتساقط لحومها بئس الشراب يشربونه على كره على كره واضطرار شرب الهيم وهي الإبل العطاش التي لا تروى من الماء فإذا سقط في أجوافهم قطع أمعاءهم هذا شرابهم أعاذني الله وإياكم من ذلك كالمهل في حرارته وكالصديد في نتنه وخبثه قال الله عز وجل : ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) أما لباسهم فلباس الشر والعار فلباس الشر والعار والعذاب قطعت لهم ثياب من نار على قدر أبدانهم لا تقيهم حر جهنم ولكن تزيدها اشتعالا ولكنها تزيدها اشتعالاً وحرارة سرابيلهم من قطران وتغشى وجههم النار في عذاب مستمر دائم لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون كل ما نضجت جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيما وكلما خبت نارها زادها الله سعيرا : (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى) يرتفع بهم لهبها إلى أعلاها فكلما أرادوا أن يخرجوا منها وفرحوا أعيدوا فيها وأهينوا وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ينوع عليهم العذاب فلا يستريحون فيقولون لخزنة جهنم أدعو ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب والله لا يطمعون في التخفيف الدائم ولا في الانقطاع ولو ساعة وإنما يسألون أن يخفف عنهم العذاب يوماً واحدا ولكن الملائكة لا تجيبهم إلا بالتوبيخ والتهكم تقول لهم : ( أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) أى بالأدلة الواضحات فيقلون بلى فتقول الملائكة فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال فلن يستجاب لهم لأنهم لم يستجيبوا إلى الرسل حين دعوهم إلى الله وعبادته في الدنيا وحينئذٍ يتمنون الموت من شدة العذاب فيقولون يا مالك وهو خازن النار ليقضي علينا ربك أى ليهلكنا ويمتنا وهذه اللام للدعاء ولكن ذلك لا ينفعهم فيقول لهم إنكم ماكثون ويقال لهم لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) يتوجهون إلى رب العالمين ذي العظمة والجلال والعدل في الحكم والفعال فيقولون : ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) فيقول لهم أحكم الحاكمين : (قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ)و ولله إن هذا الكلام من رب العالمين أن يقول لهم ( اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) لأشد على الإنسان من كل شي لأنهم حينئذ ييئسون من كل خير ولا يجدون إلا ما عملوا حاضرا عباد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل يعني القدر ما يرى أن أحد اشد منه عذابا وإنه لأهونهم من عذابا وقال النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة أي فيصبغ في النار صبغه أي يغمس فيها ثم يقال يا بني آدم هل رأيت خير قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب نعم إنه لينسى كل نعيم مر به في الدنيا وقد غمس في النار غمسه واحدة فكيف به وهو مخلد فيها أبدا أيها المسلمون إن عذاب النار لا ينقطع إنها مؤبدة أبد الآبدين هكذا يقول خالقها هكذا يقول عنها رب العالمين : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) يقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) و يقول جل و علا ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) و إذا كان وإذا كان من في النار خالدا أبدا فإن النار سوف تبقى أبدا يخلد فيها صاحبها فهذه ثلاثة فهذه ثلاثة آيات من كتاب الله فيها التصريح بالأبدية فنسأل الله عز وجل بأسمائه وصفاته أن ينجينا وإياكم من النار اللهم أنجنا من النار وأدخلنا الجنة دار المتقين الأبرار اللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه إنك أنت الوهاب اللهم أغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلي آله وصحبه أجمعين
الشيخ : الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجوا بها النجاة يوم نلاقيه وأشهد أن محمد عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وقدوه للعاملين وهادي للمستهدين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى أحذروا الكذب احذروا الكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور وإن الفجور يهدي إلي النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الرجل إذا كذب مره فإنها تكتب عليه سيئة ربما لا يستطيع الخلاص منها في ما يستقبل فيكذب كذبه أخرى ثم ثالثة ثم رابعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ولا سيما إذا كان الكذب يتضمن أكل للمال بالباطل ويتضمن خيانة لولاة الأمور كما يفعله بعض الناس الجهلة الذين يعطون أسمائهم عارية لأناس آخرين يستنفعون به من الصندوق العقاري أو غيره مما ترتبه الحكومة ولا شك أن في هذا كذبا وفيه خيانة لولاة الأمور وأن فيه أكل للمال بالباطل وأن فيه ظلم لمن أعرته اسمك لأنك أعنته أمر محرم على أن يأكل المال بالباطل فأنت في الحقيقة قد ظلمته وإن كنت تظن أنك أحسنت إليه فمن كان منكم على هذا فليتب إلى الله عز وجل وليسحب اسمه من أعاره إياه قبل أن يأتيه الموت وهو مصر على هذه المعصية نسأل الله لكم النجاة من الكذب وآثاره السيئة وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي خير محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة أتدرون ما الجماعة هي الاجتماع على دين الله على سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم من غير بدعة في دين الله ومن الجماعة أن تحافظوا على الصلوات الخمس في المساجد فإنها من سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي سنها لأمته وأوجبها عليهم وقال لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلين فيؤم الناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلي قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار وأعلموا أن الله عز وجل أكرم محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال في كتابه : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) ولهذا كان يذكر النبي صلى الله عليه وسلم حين يذكر الله في الآذان الذي ينادى به لهذه الصلوات الخمس يقول المؤذن اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله ونحن نقول في صلاتنا في تشهدنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله وهذا من رفع ذكره صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالي : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) آمنا بالله ورسوله وسمعاً وطاعة لربنا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهرا وباطنا وتقديم هديه على هدي كل أحد اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضا عن خلفائه الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضا عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين اللهم اجعلنا من التابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
منقول
الشيخ : الحمد لله مستحق الحمد وأهله المجازي خلقه جزاءً دائراً بين فضله وعدله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا شريك له في ملكه وحكمه وأشهد أن محمد عبده ورسوله أفضل رسول أرسله إلى خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومتبعي هديه وسلم تسليماً كثيرا
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أن للإنسان أربع دور يقطنها مرحلة مرحلة فأول دار يكون فيها بطن أمه حين حين يتم له أربعة اشهر فيبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أما سعيد أما الدار الثانية فهي دار الدنيا دار الابتلاء والامتحان دار العمل للآخرة دارٌ يغبن فيها الناس في أعمالهم للآخرة فمنهم مؤمن ومنهم كافر ومنهم عدل ومنهم فاسق ومنهم جائر ومنهم ظالم فيختلف الناس فيها اختلافاً كثيرة ولكن الله يقول : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) أما الدار الثالثة فهي دار البرزخ حينما ينتقل الإنسان من دار العمل إلى الدار الآخرة فإن البرزخ وهو القبر أو ما كان قائماً مقامه منزلة بين الدنيا والآخرة ولهذا سمي برزخا والبرزخ هو الحائل بين شيئين أو الفاصل بين شيئين قال الله عز وجل : ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) هذا البرزخ برزخ بين موت الإنسان الذي به قيام قيامته لأن من مات فقد قامت قيامته وصار من أهل الآخرة لا من أهل الدنيا ولكنه برزخ يبقي فيها الإنسان إلى أن تقوم الساعة الكبرى أما الدار الرابعة فهي إما نار وإما جنة ليس للناس دار سواهما فالناس إما من المؤمنين فهم في الجنة وإما من الكافرين فهم في النار جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة وأبعدنا من النار وأهلها أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون اتقوا النار بطاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا اتقوا النار فإنها دار البوار دار البؤس والشقاء و الخزي والعار دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ساكنوها شرار خلق الله من الشياطين واتباعهم قال الله عز وجل مخاطباً إبليس ( فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ)(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) إنها دار فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وغيرهم من طغاة الخلق وفجارهم ولئن سألتم عنها فإنها في أسفل السافلين أبعد ما يكون عن دار رضي رب العالمين فهي دار عقاب الله وهي أبعد شي عن رحمة الله لأنها دار عدل الله عز وجل يؤتي بها يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حرها شديد وقعرها بعيد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبع من سبعين جزء من نار جهنم قالوا يا رسول الله إنها أى نار الدنيا لكافية قال إنها فضلت عليه بتسعة وستين جزء كلهن مثل حرها وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وجبة أى صوت شي سقط فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفاً يعنى سبعين سنة فالآن حين انتهى إلى قعرها أخرجه مسلم وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال وفي الصحيحين أعني صحيح البخاري وصحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقال لليهود والنصارى أتدرون من النصارى أقول أنا هذا هم الذين يسمون أنفسهم الآن بالمسيحيين وهم أبعد الناس عن دين المسيح عيسى ابن مريم لأن عيسى بن مريم لو أنه بعث لكان متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي وموسى أفضل من عيسى ومع ذلك لا يسعه إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم بل قال الله تعالى في كتابه : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ومن المعلوم أن الذي صدق ما مع الأنبياء قبله هو محمد صلى الله عليه وسلم أيها المسلمون أعيد الحديث مرة أخرى لطول ما تكلمت به أثناءه في الصحيحين أعني صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لليهود والنصارى يقال ماذا تبغون فيقولون عطشنا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تريدون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعض فيتساقطون في النار قال الله عز وجل : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً) أيها المسلمون يا عباد الله يا من آمنوا بالله واليوم الآخر ما ظنكم بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف عام لم يأكلوا فيها أكله ولم يشربوا فيها شربه قد تقطعت أكبادهم جوعا واحترقت أجوافهم عطشا ثم انصرف بهم إلى النار وهم يطمعون في الشراب فلا يجدون إلا النار يلقون فيها : (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ) قد ملأها الله تعالى غيظاً وحنقاً على أهلها تكاد تميز من الغيظ يلقون فيها أفواجا يوبخون بالتقريع والتوبيخ : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) أيها المسلمون والله إن هذا هو الذي يقابلون به عند دخولهم النار توبيخ وتقريع وإهانة وتنديم فتتقطع قلوبهم آسفا وتذوب أكبادهم كمداً وحزنا ولكن ذلك لا ينفعهم فإذا دخلوها فما أعظم عذابهم وما أشد عقابهم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون طعامهم الزقوم وهو شجرٌ خبيث مر الطعم منتن الريح كريه المنظر يتزقمونه تزقماً لكراهيته وقبحه ولكنهم يلجئون إلى ذلك لشدة جوعهم فلا يسمن ولا يغني من جوع وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزغوم قطرة في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم رواه النسائي والترمذي وقال حسن صحيح فإذا ملئوا بطونهم من هذا الطعام الخبيث الذي لا يسمن ولا يغني من جوع التهبت أكبادهم عطشا فلا يهيئ لهم الشراب لأول مرة ولكنهم يستغيثون وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل وهو الرصاص المذاب يشوي الوجوه حتى تتساقط لحومها بئس الشراب يشربونه على كره على كره واضطرار شرب الهيم وهي الإبل العطاش التي لا تروى من الماء فإذا سقط في أجوافهم قطع أمعاءهم هذا شرابهم أعاذني الله وإياكم من ذلك كالمهل في حرارته وكالصديد في نتنه وخبثه قال الله عز وجل : ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) أما لباسهم فلباس الشر والعار فلباس الشر والعار والعذاب قطعت لهم ثياب من نار على قدر أبدانهم لا تقيهم حر جهنم ولكن تزيدها اشتعالا ولكنها تزيدها اشتعالاً وحرارة سرابيلهم من قطران وتغشى وجههم النار في عذاب مستمر دائم لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون كل ما نضجت جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيما وكلما خبت نارها زادها الله سعيرا : (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى) يرتفع بهم لهبها إلى أعلاها فكلما أرادوا أن يخرجوا منها وفرحوا أعيدوا فيها وأهينوا وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ينوع عليهم العذاب فلا يستريحون فيقولون لخزنة جهنم أدعو ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب والله لا يطمعون في التخفيف الدائم ولا في الانقطاع ولو ساعة وإنما يسألون أن يخفف عنهم العذاب يوماً واحدا ولكن الملائكة لا تجيبهم إلا بالتوبيخ والتهكم تقول لهم : ( أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) أى بالأدلة الواضحات فيقلون بلى فتقول الملائكة فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال فلن يستجاب لهم لأنهم لم يستجيبوا إلى الرسل حين دعوهم إلى الله وعبادته في الدنيا وحينئذٍ يتمنون الموت من شدة العذاب فيقولون يا مالك وهو خازن النار ليقضي علينا ربك أى ليهلكنا ويمتنا وهذه اللام للدعاء ولكن ذلك لا ينفعهم فيقول لهم إنكم ماكثون ويقال لهم لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) يتوجهون إلى رب العالمين ذي العظمة والجلال والعدل في الحكم والفعال فيقولون : ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) فيقول لهم أحكم الحاكمين : (قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ)و ولله إن هذا الكلام من رب العالمين أن يقول لهم ( اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) لأشد على الإنسان من كل شي لأنهم حينئذ ييئسون من كل خير ولا يجدون إلا ما عملوا حاضرا عباد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل يعني القدر ما يرى أن أحد اشد منه عذابا وإنه لأهونهم من عذابا وقال النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة أي فيصبغ في النار صبغه أي يغمس فيها ثم يقال يا بني آدم هل رأيت خير قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب نعم إنه لينسى كل نعيم مر به في الدنيا وقد غمس في النار غمسه واحدة فكيف به وهو مخلد فيها أبدا أيها المسلمون إن عذاب النار لا ينقطع إنها مؤبدة أبد الآبدين هكذا يقول خالقها هكذا يقول عنها رب العالمين : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) يقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) و يقول جل و علا ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) و إذا كان وإذا كان من في النار خالدا أبدا فإن النار سوف تبقى أبدا يخلد فيها صاحبها فهذه ثلاثة فهذه ثلاثة آيات من كتاب الله فيها التصريح بالأبدية فنسأل الله عز وجل بأسمائه وصفاته أن ينجينا وإياكم من النار اللهم أنجنا من النار وأدخلنا الجنة دار المتقين الأبرار اللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه إنك أنت الوهاب اللهم أغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلي آله وصحبه أجمعين
الشيخ : الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجوا بها النجاة يوم نلاقيه وأشهد أن محمد عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وقدوه للعاملين وهادي للمستهدين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى أحذروا الكذب احذروا الكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور وإن الفجور يهدي إلي النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الرجل إذا كذب مره فإنها تكتب عليه سيئة ربما لا يستطيع الخلاص منها في ما يستقبل فيكذب كذبه أخرى ثم ثالثة ثم رابعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ولا سيما إذا كان الكذب يتضمن أكل للمال بالباطل ويتضمن خيانة لولاة الأمور كما يفعله بعض الناس الجهلة الذين يعطون أسمائهم عارية لأناس آخرين يستنفعون به من الصندوق العقاري أو غيره مما ترتبه الحكومة ولا شك أن في هذا كذبا وفيه خيانة لولاة الأمور وأن فيه أكل للمال بالباطل وأن فيه ظلم لمن أعرته اسمك لأنك أعنته أمر محرم على أن يأكل المال بالباطل فأنت في الحقيقة قد ظلمته وإن كنت تظن أنك أحسنت إليه فمن كان منكم على هذا فليتب إلى الله عز وجل وليسحب اسمه من أعاره إياه قبل أن يأتيه الموت وهو مصر على هذه المعصية نسأل الله لكم النجاة من الكذب وآثاره السيئة وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي خير محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة أتدرون ما الجماعة هي الاجتماع على دين الله على سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم من غير بدعة في دين الله ومن الجماعة أن تحافظوا على الصلوات الخمس في المساجد فإنها من سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي سنها لأمته وأوجبها عليهم وقال لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلين فيؤم الناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلي قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار وأعلموا أن الله عز وجل أكرم محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال في كتابه : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) ولهذا كان يذكر النبي صلى الله عليه وسلم حين يذكر الله في الآذان الذي ينادى به لهذه الصلوات الخمس يقول المؤذن اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله ونحن نقول في صلاتنا في تشهدنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله وهذا من رفع ذكره صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالي : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) آمنا بالله ورسوله وسمعاً وطاعة لربنا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهرا وباطنا وتقديم هديه على هدي كل أحد اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضا عن خلفائه الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضا عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين اللهم اجعلنا من التابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
منقول
زكريا محمد وحيد- عدد المساهمات : 1167
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 74
الموقع : العباسيه القاهره
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى