آيات النبي صلى الله عليه و سلم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
آيات النبي صلى الله عليه و سلم
آيات النبي صلى الله عليه و سلم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالحق المبين وأيده بالآيات البينات لتكون الحجة على المعاندين ليهلك من هلك عن بينّة ويحيأ من حيّ عن بينة وإن الله لسميع عليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما...
أما بعد
فإن الله أرسل رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان من حكمة الله تعالى ورحمته أن أيّدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم وصحة رسالتهم وأنه لو خرج رسول إلى الناس وقال إني رسول الله إليكم وإن الله أمركم بكذا ونهاكم عن كذا وإني مستبيح دماء وأموال من لم يجب دعوتي لو خرج هكذا إلى الناس لم يكونوا ليقبلوا قوله ودعواهولكن والله بحكمته ورحمته جعل لهولاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جعل لهم آيات تؤيد ما قالوه وتصحح ما أمروا به وما نهوا عنه قال الله عز وجل )لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )(الحديد: من الآية25) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر فأيدهم الله تعالى بالبينات لتقوم الحجة على كل معاند وليؤمن من آمن على إقتناع وبصيرة فينشرح صدره للإيمان ويطمئن قلبه إليه) ولقد لكان لنبينا صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات أعظمها وأجلها كانت آيات نبينا صلى الله عليه وسلم آيات شرعية وآيات كونية أما الآيات الشرعية فأعظمها هذا القرآن العظيم يقول الله تعالى للذين يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم آيات يقول لهم )أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) نعم إن هذا القرآن العظيم لآية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جاء مصدقا لكتب الله السابقة وحافظا عليها وناسخا كما قال الله تعالى )وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَق)(المائدة: من الآية48) كان هذا القرآن العظيم آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان على وقت رسالته في عمومها وشمولها وقضائها وإصلاحها فهو كتاب عام شامل صالح لكل زمان ومكان مصلح لأمور الدنيا والآخرة فهو أساس الشريعة والشريعة شاهدة له كان القرآن آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم بما يشتمل عليه من الأخبار الصادقة الهادفة والقصص الحسنى مملوءة عبرة وتربية والأحكام العادلة المرضية والإصلاحات الإجتماعية والفرضية وكان هذا القرآن العظيم آية كبرى في لفظه ومعناه وأثره في النفوس وآثاره في للأمة فهو آية للأمة كلها من أولها إلى آخرها كل المسلمين يتلونه اليوم كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكنهم أن ينهلوا من معين أحكامه وحكمه كما نهل منها الرعيل الأول )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشريعة العظيمة الكاملة في العقيدة والعبادات والأخلاق والأداب والمعاملات وتنظيم شروط العقد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق فلو أجتمع العالم كلهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما أستطاعوا إلى ذلك سبيلا لأنها شريعة الله العليم لما يصلح خلقه الحكيم لما يشرعه لهم الرحيم بما يكلفهم به وإن كل ما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام من النظم فإن الشريعة المحمدية الإسلامية فيها ما هو أصلح منه وأنصح للخلق وإذا كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها فإن ذلك آية وبرهان على أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي جاء بها هي شريعة الله وأنه رسول الله حقا وأما الآيات الكونية الدالة على رسالته صلى الله عليه وسلم فكثيرة جدا لا يمكن الإحاطة بها فمنها ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق ومعالي الأداب ومحاسن الأعمال قال ملك خرصان وقد دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تاركا له وإنه يغضب فلا يغضب ويعرف فلا يضجر ويفي بالعهد وينذر بالموعود وأشهد إنه نبي ، وقال شيخ الإسلام بن تيميه في كتابه الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح وهذا الكتاب الذي كتبه شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه عن الإسلام خيرا هذا الكتاب كتاب قيم ينبغي للمسلم قرآته لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه إنتشار النصارى بين المسلمين مع الأسف الشديد في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمر هولاء النصارى قال شيخ الإسلام في هذا الكتاب إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته فإنه صلى الله عليه وسلم كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة لم يزل معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شئ يعاب به ولا جرت عليه كلمة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع أختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم وأمر وكر وغنى وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة ، كل هذه الأخلاق تدل على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية ما شاهده الناس في الأفاق السماوية والأفاق الأرضية ففي الأفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحراق الشياطين التي تستمع أخبار السماء كثرت الشهب حماية لوحي الله الذين ينزله على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى عن الجن )وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً) (الجـن:9) وطلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا غار حراء بينهما إنشق القمر فصار نصفين حتى رأى المشركون غار حراء بينهما وكانت كل شقة منه على حذاء جبل وأسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى واجتمع إليه الأنبياء فصلى بهم إماما ثم عرج به إلى السماوات وقابل في كل سماء من قابل من الأنبياء والرسل وسلم عليهم فردوا عليه وحيوه بالنبوءة والصلاح وبلغ سدرة المنتهى ومكانا سمع فيه صريف الأقلام وكلّمه الله عز وجل بما أراد وتراجع بين الله وبين موسى فيما فرض الله عليه من الصلوات وعرضت عليه الجنة وأدخلها وعرضت عليه النار فرآءها كل هذا كان في ليلة بل في بعض ليلة وهو من أعظم آيات الله الدالة على صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل )لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (لنجم:18) وجاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال أدعو الله أن يغيثنا فدعا فصار السحاب أمثال الجبال فما نزل عن المنبر حتى كان المطر يتحاذر على لحيته فبقي إسبوعا بقي المطر إسبوعا كاملا تمطر السماء حتى دخل رجل في الجمعة الأخرى فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فأدعو الله أن يمسكها عنا فدعا وجعل صلى الله عليه وسلم يشير إلى السحاب فما يشير إلى ناحية إلى أنفرجت فخرج الناس يمشون في الشمس وفي الأفاق الأرضية شاهد الناس من آيات النبي صلى الله عليه وسلم شيئا كثيرا فمنها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال عطش الناس وكانوا في سفر وكان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة والركوة إناء من جلد فجهز الناس نحو النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما لكم قالوا ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ إلى ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا قيل لجابر كم كنتم.؟ قال كنا ألفا وخمسمائة ولو كنا مائتا ألف لكفانا وأتى أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في جملة من أصحابه قد عصب بطنه من الجوع فذهب أنس إلى أبي طلحة وهو زوج أمه فأخبره بما شاهد من النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة لأم الزبير زوجته هل من شئ. قالت نعم كسر من خبز وتمرات إن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه آخر قلّ عنهم قال أنس فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إليّ فقلت أجب أبا طلحة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه قوموا فإذا أبو طلحة على الباب فقال يا رسول الله إنما هو شئ يسير فقال هاته فإن الله سيجعل فيه بركة ثم أمر بتمر فصب عليه ودعا فيه ثم قال أعزم العشرة فدخلوا فقال كلوا وسموا الله ثم أرسلهم عشرة عشرة وكانوا ثمانين حتى شبعوا ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت حتى شبعوا وأهدوا البقية للجيران وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة في المسجد فلما صنع له المنبر وقام عليه أول جمعة حنّ الجذع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تحنّ الإبل العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فوضع عليه يده يسكنه حتى سكت ، وكان من آياته صلى الله عليه وسلم ما أخبر به من أمور الغيب التي وقعت صدقا لما أخبر صلى الله عليه وسلم كأنما يشاهدها بعينه مثل قوله صلى الله عليه وسلم (يأتي في آخر الزمان قوم حدفاء الأسنان ، يعني صغار السن ، سفهاء الأحلام يعني ضعفاء العقول ، يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجانب إيمانهم حناجرهم) نسال الله أن يعيذنا منهم وذرياتنا وأخواننا وجميع المسلمين ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) فقد كان هذا ولله الحمد فما زال في هذه الامة أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم على كثرة ما أوذى دينهم من أعدائهم حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمشركين ولكن هذه الأمة فيها أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلا من النصارى كما في حديث أنس بن مالك كان رجلٌ نصرانياً فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانياً وأرتدّ عن الإسلام فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له يعني أنه هو الذي يعلّم الرسول صلى الله عليه وسلم فأماته الله أمات الله هذا الرجل النصراني الذي إرتد بعد إسلامه فدفنوه وأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما أستطاعوا فأصبح وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه وتركوه منبشوا وهكذا ينتصر الله تعالى من أعداء الله ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق فأتقوا الله أيها المسلمون واعرفوا هذه الآيات العظيمة التي أيّد الله بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ليتبين لكم بذلك تمام قدرة الله عز وجل وتمام حكمته وكمال صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه الصادق الأمين الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين فنسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يجعلنا من المؤمنين به المتبعين لسنته الهادين بأمر الله إلى شريعته وأن يحفظنا في ديننا ويحفظ ديننا علينا وأن يصلح ولاة أمورنا وبطانتهم وجميع رعيتنا إنه جواد كريم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور وسلم تسليما..
أما بعد
أيها الناس أتقوا الله تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب:70) )يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون أيها الناس إنما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو كالذي أمر الله به في وجوب إتباعه وإن الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم نهي تحريم فهو كما نهى عنه الله تعالى في وجوب إجتنابه وإن الله تعالى قال في كتابه ) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)(البقرة: من الآية275) والجملة الأولى في قوله تعالى ) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)(البقرة: من الآية275) جملة مطلقة أو جملة عامة مقيدة أو مخصصة بما جاءت به السنة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من أشترى طعاما من تمر أو بر أو رز أو غيره من أشتراه مكايلة أو موازنه فإنه لا يجوز له أن يبيعه حتى يكيله أو يزنه وقد سمعت أن بعض الناس الذين عندهم تمر يبيعون على المتسببين الذين يجلبونه على الحكومة يبيعون عليهم التمر وزنا ولكن المشتري لا يزنه بل يبيعوه على الحكومة ويعتبر الوزن الذي وزنت الحكومة وهذا العقد عقد محرم عقد معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عقد آثم فيه البائع والمشتري عقد باطل فاسد لا ينتقل به الثمن إلى البائع ولا المثمن إلى المشتري ولذلك من كان منكم قد عمل هذه المعاملة فليفسخها وليردها إلى المعاملة الطيبة الشرعية والمعاملة الطيبة الشرعية في هذه المعاملة تكون على وجوه ثلاثة فإما أن يشتريه بالوزن ويزنه حالا قبل أن يبيعه وهذا جائز وإما أن يعطي صاحب التمر هذا المتسبب يعطيه التمر يبيعه على الحكومة بأجرة بأجرة معلومة يأخذها هذا البائع على الحكومة أو يأخذها المتسبب ويكون سبب ذلك وهذا أيضا جائز وإما أن يعطيه التمر ويقول بع هذا التمر على الحكومة ولك ثلثه أو ربعه أو خمسه أو ما أتفاقا عليه فهذا أيضا جائز لأنه أئجره على بيعه بجزء وهذه معاملة لا ضرر فيها ولا جهالة فيكون عندنا من المعاملات الطيبة ثلاث معاملات إما أن يبيعه ويزنه قبل أن يبيعه المتسبب بل يزنه في الحال وإما أن يعطيه المتسبب بأجرة معلومة يبيعه على الحكومة ويكون وإما أن يعطيه المتسبب يبيعه على الحكومة بسهم معلوم كالثلث أو الربع أو الخمس وأما أن يبيعه عليه وزنا ثم يبيعه المتسبب على الحكومة قبل أن يزنه على البائع فإن هذا عقد محرم لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه فإن قلتم إذا كان هذا قد وقع منا فما المخرج منه لأننا نؤمن بالله ورسوله ونحب أن نمتثل أمر الله ورسوله فماذا تأمرونا به وقد وقع منا هذا العقد؟ نقول إنه يعطى هذا المتسبب أجر مثله كالعادة فإن قال لو أحدا سافر به من هذا المكان إلى مكان الحكومة وباعه على الحكومة فكم تكون أجرته؟ إذا قالوا تكون أجرته كذا وكذا فإنه يعطى هذه الأجرة فيكون له أجر المثل على عمله وبهذا نسلم من إثم هذه المعاملة الحرام الباطلة وبهذا تنزل البركة لنا في أموالنا لأن الكسب إذا كان من كسب حرام فإنه كما جاء في الحديث (........وإن تصدق به لم يقبل منه وإن خلّفه كان زادا له إلى النار). وإني أقول لكم نصيحة عامة كل من أراد أن يبيع أو يشتري فإنه لا بد أن يسأل أهل العلم عن كيفية هذا البيع والشراء ليكون على بصيرة من أمره لأن الشريعة الإسلامية ليست مقصورة على العبادات والعقائد فقط بل هي في العقائد والعبادات والأخلاق والأداب والمعاملات ، فالذي يشرع للناس المعاملات صحيحها وباطلها حلالها وحرامها هو الله وحده لا شريك له إما في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فأتقوا الله عباد الله وكونوا صادقين في إيمانكم متبعين لشرع الله في عقيدتكم وعبادتكم وأخلاقكم وأدابكم ومعاملاتكم لتكونوا من المؤمنين حقا من الذين قالوا سمعنا وأطعنا لا من الذين قالوا سمعنا وعصينا اللهم أجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين اللهم وفقنا لما تحب وترضى يا رب العالمين اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم أرضى عن الخلفاء الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ربنا أغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي ترضى به عنا وتقبل منا يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
منقول
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالحق المبين وأيده بالآيات البينات لتكون الحجة على المعاندين ليهلك من هلك عن بينّة ويحيأ من حيّ عن بينة وإن الله لسميع عليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما...
أما بعد
فإن الله أرسل رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان من حكمة الله تعالى ورحمته أن أيّدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم وصحة رسالتهم وأنه لو خرج رسول إلى الناس وقال إني رسول الله إليكم وإن الله أمركم بكذا ونهاكم عن كذا وإني مستبيح دماء وأموال من لم يجب دعوتي لو خرج هكذا إلى الناس لم يكونوا ليقبلوا قوله ودعواهولكن والله بحكمته ورحمته جعل لهولاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جعل لهم آيات تؤيد ما قالوه وتصحح ما أمروا به وما نهوا عنه قال الله عز وجل )لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )(الحديد: من الآية25) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر فأيدهم الله تعالى بالبينات لتقوم الحجة على كل معاند وليؤمن من آمن على إقتناع وبصيرة فينشرح صدره للإيمان ويطمئن قلبه إليه) ولقد لكان لنبينا صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات أعظمها وأجلها كانت آيات نبينا صلى الله عليه وسلم آيات شرعية وآيات كونية أما الآيات الشرعية فأعظمها هذا القرآن العظيم يقول الله تعالى للذين يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم آيات يقول لهم )أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) نعم إن هذا القرآن العظيم لآية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جاء مصدقا لكتب الله السابقة وحافظا عليها وناسخا كما قال الله تعالى )وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَق)(المائدة: من الآية48) كان هذا القرآن العظيم آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان على وقت رسالته في عمومها وشمولها وقضائها وإصلاحها فهو كتاب عام شامل صالح لكل زمان ومكان مصلح لأمور الدنيا والآخرة فهو أساس الشريعة والشريعة شاهدة له كان القرآن آية كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم بما يشتمل عليه من الأخبار الصادقة الهادفة والقصص الحسنى مملوءة عبرة وتربية والأحكام العادلة المرضية والإصلاحات الإجتماعية والفرضية وكان هذا القرآن العظيم آية كبرى في لفظه ومعناه وأثره في النفوس وآثاره في للأمة فهو آية للأمة كلها من أولها إلى آخرها كل المسلمين يتلونه اليوم كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكنهم أن ينهلوا من معين أحكامه وحكمه كما نهل منها الرعيل الأول )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشريعة العظيمة الكاملة في العقيدة والعبادات والأخلاق والأداب والمعاملات وتنظيم شروط العقد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق فلو أجتمع العالم كلهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما أستطاعوا إلى ذلك سبيلا لأنها شريعة الله العليم لما يصلح خلقه الحكيم لما يشرعه لهم الرحيم بما يكلفهم به وإن كل ما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام من النظم فإن الشريعة المحمدية الإسلامية فيها ما هو أصلح منه وأنصح للخلق وإذا كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها فإن ذلك آية وبرهان على أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي جاء بها هي شريعة الله وأنه رسول الله حقا وأما الآيات الكونية الدالة على رسالته صلى الله عليه وسلم فكثيرة جدا لا يمكن الإحاطة بها فمنها ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق ومعالي الأداب ومحاسن الأعمال قال ملك خرصان وقد دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تاركا له وإنه يغضب فلا يغضب ويعرف فلا يضجر ويفي بالعهد وينذر بالموعود وأشهد إنه نبي ، وقال شيخ الإسلام بن تيميه في كتابه الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح وهذا الكتاب الذي كتبه شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه عن الإسلام خيرا هذا الكتاب كتاب قيم ينبغي للمسلم قرآته لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه إنتشار النصارى بين المسلمين مع الأسف الشديد في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمر هولاء النصارى قال شيخ الإسلام في هذا الكتاب إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته فإنه صلى الله عليه وسلم كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة لم يزل معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شئ يعاب به ولا جرت عليه كلمة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع أختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم وأمر وكر وغنى وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة ، كل هذه الأخلاق تدل على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية ما شاهده الناس في الأفاق السماوية والأفاق الأرضية ففي الأفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحراق الشياطين التي تستمع أخبار السماء كثرت الشهب حماية لوحي الله الذين ينزله على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى عن الجن )وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً) (الجـن:9) وطلبت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا غار حراء بينهما إنشق القمر فصار نصفين حتى رأى المشركون غار حراء بينهما وكانت كل شقة منه على حذاء جبل وأسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى واجتمع إليه الأنبياء فصلى بهم إماما ثم عرج به إلى السماوات وقابل في كل سماء من قابل من الأنبياء والرسل وسلم عليهم فردوا عليه وحيوه بالنبوءة والصلاح وبلغ سدرة المنتهى ومكانا سمع فيه صريف الأقلام وكلّمه الله عز وجل بما أراد وتراجع بين الله وبين موسى فيما فرض الله عليه من الصلوات وعرضت عليه الجنة وأدخلها وعرضت عليه النار فرآءها كل هذا كان في ليلة بل في بعض ليلة وهو من أعظم آيات الله الدالة على صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل )لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (لنجم:18) وجاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال أدعو الله أن يغيثنا فدعا فصار السحاب أمثال الجبال فما نزل عن المنبر حتى كان المطر يتحاذر على لحيته فبقي إسبوعا بقي المطر إسبوعا كاملا تمطر السماء حتى دخل رجل في الجمعة الأخرى فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فأدعو الله أن يمسكها عنا فدعا وجعل صلى الله عليه وسلم يشير إلى السحاب فما يشير إلى ناحية إلى أنفرجت فخرج الناس يمشون في الشمس وفي الأفاق الأرضية شاهد الناس من آيات النبي صلى الله عليه وسلم شيئا كثيرا فمنها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال عطش الناس وكانوا في سفر وكان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة والركوة إناء من جلد فجهز الناس نحو النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما لكم قالوا ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ إلى ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا قيل لجابر كم كنتم.؟ قال كنا ألفا وخمسمائة ولو كنا مائتا ألف لكفانا وأتى أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في جملة من أصحابه قد عصب بطنه من الجوع فذهب أنس إلى أبي طلحة وهو زوج أمه فأخبره بما شاهد من النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة لأم الزبير زوجته هل من شئ. قالت نعم كسر من خبز وتمرات إن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه آخر قلّ عنهم قال أنس فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إليّ فقلت أجب أبا طلحة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه قوموا فإذا أبو طلحة على الباب فقال يا رسول الله إنما هو شئ يسير فقال هاته فإن الله سيجعل فيه بركة ثم أمر بتمر فصب عليه ودعا فيه ثم قال أعزم العشرة فدخلوا فقال كلوا وسموا الله ثم أرسلهم عشرة عشرة وكانوا ثمانين حتى شبعوا ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت حتى شبعوا وأهدوا البقية للجيران وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة في المسجد فلما صنع له المنبر وقام عليه أول جمعة حنّ الجذع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تحنّ الإبل العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فوضع عليه يده يسكنه حتى سكت ، وكان من آياته صلى الله عليه وسلم ما أخبر به من أمور الغيب التي وقعت صدقا لما أخبر صلى الله عليه وسلم كأنما يشاهدها بعينه مثل قوله صلى الله عليه وسلم (يأتي في آخر الزمان قوم حدفاء الأسنان ، يعني صغار السن ، سفهاء الأحلام يعني ضعفاء العقول ، يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجانب إيمانهم حناجرهم) نسال الله أن يعيذنا منهم وذرياتنا وأخواننا وجميع المسلمين ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) فقد كان هذا ولله الحمد فما زال في هذه الامة أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم على كثرة ما أوذى دينهم من أعدائهم حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والمشركين ولكن هذه الأمة فيها أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلا من النصارى كما في حديث أنس بن مالك كان رجلٌ نصرانياً فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانياً وأرتدّ عن الإسلام فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له يعني أنه هو الذي يعلّم الرسول صلى الله عليه وسلم فأماته الله أمات الله هذا الرجل النصراني الذي إرتد بعد إسلامه فدفنوه وأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما أستطاعوا فأصبح وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه وتركوه منبشوا وهكذا ينتصر الله تعالى من أعداء الله ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق فأتقوا الله أيها المسلمون واعرفوا هذه الآيات العظيمة التي أيّد الله بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ليتبين لكم بذلك تمام قدرة الله عز وجل وتمام حكمته وكمال صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه الصادق الأمين الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين فنسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يجعلنا من المؤمنين به المتبعين لسنته الهادين بأمر الله إلى شريعته وأن يحفظنا في ديننا ويحفظ ديننا علينا وأن يصلح ولاة أمورنا وبطانتهم وجميع رعيتنا إنه جواد كريم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور وسلم تسليما..
أما بعد
أيها الناس أتقوا الله تعالى )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب:70) )يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون أيها الناس إنما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو كالذي أمر الله به في وجوب إتباعه وإن الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم نهي تحريم فهو كما نهى عنه الله تعالى في وجوب إجتنابه وإن الله تعالى قال في كتابه ) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)(البقرة: من الآية275) والجملة الأولى في قوله تعالى ) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)(البقرة: من الآية275) جملة مطلقة أو جملة عامة مقيدة أو مخصصة بما جاءت به السنة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من أشترى طعاما من تمر أو بر أو رز أو غيره من أشتراه مكايلة أو موازنه فإنه لا يجوز له أن يبيعه حتى يكيله أو يزنه وقد سمعت أن بعض الناس الذين عندهم تمر يبيعون على المتسببين الذين يجلبونه على الحكومة يبيعون عليهم التمر وزنا ولكن المشتري لا يزنه بل يبيعوه على الحكومة ويعتبر الوزن الذي وزنت الحكومة وهذا العقد عقد محرم عقد معصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عقد آثم فيه البائع والمشتري عقد باطل فاسد لا ينتقل به الثمن إلى البائع ولا المثمن إلى المشتري ولذلك من كان منكم قد عمل هذه المعاملة فليفسخها وليردها إلى المعاملة الطيبة الشرعية والمعاملة الطيبة الشرعية في هذه المعاملة تكون على وجوه ثلاثة فإما أن يشتريه بالوزن ويزنه حالا قبل أن يبيعه وهذا جائز وإما أن يعطي صاحب التمر هذا المتسبب يعطيه التمر يبيعه على الحكومة بأجرة بأجرة معلومة يأخذها هذا البائع على الحكومة أو يأخذها المتسبب ويكون سبب ذلك وهذا أيضا جائز وإما أن يعطيه التمر ويقول بع هذا التمر على الحكومة ولك ثلثه أو ربعه أو خمسه أو ما أتفاقا عليه فهذا أيضا جائز لأنه أئجره على بيعه بجزء وهذه معاملة لا ضرر فيها ولا جهالة فيكون عندنا من المعاملات الطيبة ثلاث معاملات إما أن يبيعه ويزنه قبل أن يبيعه المتسبب بل يزنه في الحال وإما أن يعطيه المتسبب بأجرة معلومة يبيعه على الحكومة ويكون وإما أن يعطيه المتسبب يبيعه على الحكومة بسهم معلوم كالثلث أو الربع أو الخمس وأما أن يبيعه عليه وزنا ثم يبيعه المتسبب على الحكومة قبل أن يزنه على البائع فإن هذا عقد محرم لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه فإن قلتم إذا كان هذا قد وقع منا فما المخرج منه لأننا نؤمن بالله ورسوله ونحب أن نمتثل أمر الله ورسوله فماذا تأمرونا به وقد وقع منا هذا العقد؟ نقول إنه يعطى هذا المتسبب أجر مثله كالعادة فإن قال لو أحدا سافر به من هذا المكان إلى مكان الحكومة وباعه على الحكومة فكم تكون أجرته؟ إذا قالوا تكون أجرته كذا وكذا فإنه يعطى هذه الأجرة فيكون له أجر المثل على عمله وبهذا نسلم من إثم هذه المعاملة الحرام الباطلة وبهذا تنزل البركة لنا في أموالنا لأن الكسب إذا كان من كسب حرام فإنه كما جاء في الحديث (........وإن تصدق به لم يقبل منه وإن خلّفه كان زادا له إلى النار). وإني أقول لكم نصيحة عامة كل من أراد أن يبيع أو يشتري فإنه لا بد أن يسأل أهل العلم عن كيفية هذا البيع والشراء ليكون على بصيرة من أمره لأن الشريعة الإسلامية ليست مقصورة على العبادات والعقائد فقط بل هي في العقائد والعبادات والأخلاق والأداب والمعاملات ، فالذي يشرع للناس المعاملات صحيحها وباطلها حلالها وحرامها هو الله وحده لا شريك له إما في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فأتقوا الله عباد الله وكونوا صادقين في إيمانكم متبعين لشرع الله في عقيدتكم وعبادتكم وأخلاقكم وأدابكم ومعاملاتكم لتكونوا من المؤمنين حقا من الذين قالوا سمعنا وأطعنا لا من الذين قالوا سمعنا وعصينا اللهم أجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين اللهم وفقنا لما تحب وترضى يا رب العالمين اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم أرضى عن الخلفاء الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ربنا أغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي ترضى به عنا وتقبل منا يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
منقول
زكريا محمد وحيد- عدد المساهمات : 1167
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 74
الموقع : العباسيه القاهره
مواضيع مماثلة
» من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ـ الصدق - الشيخ محمد بن صالح العثيمين
» وقفات مع حج النبي صلى الله عليه وسلم
» هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سفره وترحاله
» الاضحيه وواجباتها
» أخلاق النبي صلى الله عليه افضل الصلاه والسلام
» وقفات مع حج النبي صلى الله عليه وسلم
» هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سفره وترحاله
» الاضحيه وواجباتها
» أخلاق النبي صلى الله عليه افضل الصلاه والسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى