من الآيـات الكونيــة في القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
من الآيـات الكونيــة في القرآن الكريم
في مطلع الحديث عن كتاب الله لابد من تحديد عدد من معالمه الثابتة التي منها أنه كلام الله المعجز, الموحي به إلي خاتم الأنبياء والمرسلين بلسان عربي مبين, والمنقول عنه( صلوات الله وسلامه عليه) نقلا متواترا بلا أدني شبهة, بنفس النص الذي نجده في المصاحف التي خطت أو طبعت علي مر العصور, ومسجلا في صدور الحفاظ جيلا بعد جيل, ومن ثم علي مختلف صور الأشرطة والاسطوانات الممغنطة, والذي نزلت آياته منجمة علي مدي ثلاث وعشرين سنة, وكتبت في حياة رسول الله( صلي الله عليه وسلم) عقب الوحي بكل مجموعة منها مباشرة ثم رتبت تلك الآيات في مائة وأربع عشرة(114) سورة بتوقيف من الله( سبحانه وتعالي) الذي تعهد بحفظ آخر كتبه المنزلة فحفظه حفظا كاملا, بنفس اللغة التي نزل بها, كلمة كلمة, وحرفا حرفا, بينما تعرضت الكتب السماوية السابقة كلها إما للضياع التام, أو للتحريف والتبديل والتغيير, ولذلك فالقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يتعبد بتلاوته, والذي لا تصلح الصلاة إلا بقراءة فاتحته وعدد من آياته, والذي لا يغني عنه من الأحاديث أو الأذكار أو الأدعية شيء, لأنه الوحي السماوي الوحيد الموجود بين أيدي الناس اليوم محفوظا بحفظ الله كلمة كلمة وحرفا حرفا بنفس اللغة التي أوحي بها وقد تحدي ربنا تبارك وتعالي كلا من الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن مجتمعين متظاهرين فقال عز من قائل:
(قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)( الإسراء:88)
كما سخر ربنا( تبارك وتعالي) ممن ادعي من المشركين أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد افتراه, وهو النبي الأمي الذي لا يعرف القراءة أو الكتابة لحكمة يعلمها الله, فقد تحدي الله تعالي العرب علي ما كانوا عليه من علم بأسرار العربية وأسباب البلاغة ـ أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات, أو حتى بسورة من مثله, ولا يزال هذا التحدي قائما دون أن يستطيع بشر مجابهته علي الرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنا علي مجئ التنزيل بقول الله تعالي: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين* فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا اله إلا هو فهل انتم مسلمون)[ هود:13 و14]
وعلي قول الحق تبارك وتعالي: (وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)[ البقرة:23]
وقد عجزت القدرات البشرية, ولا تزال عاجزة عن أن تداني كتاب الله في روعة بيانه, أو في كمال صفاته, ودقة دلالاته, وصدق أنبائه, وسمو معانيه, وعدالة تشريعه, أو في نهجه وصياغته, وتمام أحاطته بطبائع النفس البشرية, وقدرته علي التعامل معها وهدايتها, ودقة استعراضه لمسيرة البشرية من لدن أبينا آدم( عليه السلام) إلي بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين( عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم) ومن هنا كان القول( بإعجاز القرآن)
أوجه الإعجاز في القرآن الكريم:
تتعدد أوجه الإعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه, فكل آية من آياته فيها اعجاز لفظي وبياني ودلالي, وكل مجموعة من الآيات, وكل سورة من السور طالت أم قصرت, بما فيها من قواعد عقدية, أو أوامر تعبدية, أو قيم أخلاقية, أو ضوابط سلوكية, أو إشارات علمية, إلي شيء من أشياء هذا الكون الفسيح ومافيه من ظواهر وكائنات, وكل تشريع, وكل قصة, وكل واقعة تاريخية, وكل وسيلة تربوية, وكل نبوءة مستقبلية, كل ذلك يفيض بجلال الربوبية, ويتميز عن كل صياغة انسانية ويشهد للقرآن بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن يأتي بشيء من مثله.
وقد أفاض المتحدثون عن أوجه الإعجاز في كتاب الله, وكان منهم من رأي ذلك في جمال بيانه, ودقة نظمه, وكمال بلاغته, أو في روعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها, وقدرتها علي مخاطبة الناس علي اختلاف مداركهم وأزمانهم, وإشعاعها بجلال الربوبية في كل آية من آياته.
ومنهم من أدرك أن إعجاز القرآن في كمال تشريعه, ودقة تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله, أو في استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم( عليه السلام) إلي خاتم الأنبياء والمرسلين(عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي السلام), مما لم يكن يعلم تفاصيله أحد من الناس.
ومنهم من رأي إعجاز القرآن الكريم في منهجه التربوي الفريد, وأطره النفسية السامية والعلمية في نفس الوقت, والثابتة علي مر الأيام, أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويلة, أو في إشاراته إلي العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن معروفا لأحد من البشر وقت نزول القرآن ولا لمئات من السنين بعد ذلك النزول, ومنهم من رأي إعجاز القرآن في صموده علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا لكل محاولات التحريف التي قامت بها قوي الشر المتعددة متمثلة في الكفرة والمشركين والملاحدة علي مدي تلك القرون العديدة وذلك لأن الله تعالي تعهد بحفظه فحفظ قال تعالي: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: آية9]. ومن العلماء من يري إعجاز القرآن في ذلك كله وفي غيره مما يقصر الحديث دونه.
الإعجاز النظمي للقرآن الكريم:
كانت الكثرة الكاثرة من القدامى والمعاصرين علي حد سواء قد ركزوا اهتمامهم علي ناحية نظم القرآن الكريم فهذا ابن عطية الأندلسي(ت546 هـ) يذكر في مقدمة تفسيره(278/1) ما نصه: إن الله قد أحاط بكل شيء علما, فإذا ترتبت اللفظة من القرآن, علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولي, وتبين المعني بعد المعني, ثم كذلك من أول القرآن إلي آخره, والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول, ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لايحيط بذلك, فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة, وبهذا يبطل قول من قال: ان العرب كان في قدرتهم الاتيان بمثله فصرفوا عن ذلك, والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط, ولهذا نري البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولا, ثم ينظر فيها فيغير منها, وهلم جرا, وكتاب الله لو نزعت منه لفظة, ثم أدير لسان العرب علي لفظة أحسن منها لم يوجد... وقامت الحجة علي العالم بالعرب, اذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة.
وهذا هو الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين أحد العلماء المعاصرين يكتب فصلا في إعجاز القرآن( كتقديم لترجمته لكتاب الظاهرة القرآنية للمفكر الإسلامي الأستاذ مالك بن نبي( يرحمه الله) يحدد فيه الإعجاز في دائرة البيان والنظم حيث يقول: ان الآيات القليلة من القرآن, ثم الآيات الكثيرة, ثم القران كله, أي ذلك كان في تلاوته علي سامعيه من العرب, الدليل الذي يطالبه بان يقطع بأن هذا الكلام مفارق لجنس كلام البشر, وذلك من وجه واحد, هو وجه البيان والنظم.
وإذا صح إن قليل القرآن وكثيره سواء من هذا الوجه, ثبت أن ما في القرآن جملة, من حقائق الأخبار عن الأمم السابقة, ومن أنباء الغيب, ومن دقائق التشريع, ومن عجائب الدلالات علي ما لم يعرفه البشر من أسرار الكون إلا بعد القرون المتطاولة من تنزيله, كل ذلك بمعزل عن الذي طولب به العرب, وهو إن يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم, ومن وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين...
ولكن إذا جاز هذا التحديد علي موقف التحدي من مشركي العرب ـ علي الرغم من عدم وجود الدليل علي ذلك ـ فانه بالقطع لا يجوز علي إطلاقه, خاصة أن العرب اليوم في جملتهم قد فقدوا الحس اللغوي الذي تميز به أسلافهم, وأن التحدي بالقرآن للإنس والجن متظاهرين هو تحد مستمر قائم إلي يوم الدين, مما يؤكد أن ما في القرآن من أمور الغيب, وحقائق التاريخ, ومن فهم دقيق لمكنون النفس البشرية وحسن الخطاب في هدايتها وإرشادها وتربيتها, ومن مختلف الصور التي ضربت لعجائب آيات الله في خلقه, ومن غير ذلك مما اكتشفه ولايزال يكتشفه( في كتاب الله) متخصصون في كل حقل من حقول المعرفة, لا يمكن أن يبقي بمعزل عن ذلك التحدي المفضي الي الاعجاز القرآني, والدال علي أن القرآن كلام الله.
نشأة منهج التفسير العلمي لكتاب الله:
يزخر القرآن الكريم بالعديد من الآيات التي تشير إلي الكون وما به من كائنات( أحياء وجمادات), والي صور من نشأتها, ومراحل تكونها, والي العديد من الظواهر الكونية التي تصاحبها, والسنن الإلهية التي تحكمها, وما يستتبعه كل ذلك من استخلاص للعبرة, وتفهم للحكمة, وما يستوجبه من إيمان بالله, وشهادة بكمال صفاته وأفعاله, وهو ـ سبحانه وتعالي ـ الخالق الباريء المصور الذي أبدع ذلك الخلق بعلم وقدرة وحكمة لا تحدها حدود, ولا يفيها حقها وصف.
وقد أحصي الدارسون من هذه الإشارات الكونية في كتاب الله ما يقدر بحوالي الألف آية صريحة, بالإضافة إلي آيات أخري عديدة تقرب دلالاتها من الصراحة, وبدوام اتساع دائرة المعرفة الإنسانية, وتكرار تأمل المتأملين في كتاب الله, وتدبر المتدبرين لآياته ـ جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر ـ لن ينفك العلماء والمتخصصون يكتشفون من حقائق الكون الثابتة في كتاب الله ما يؤكد علي تحقق الوعد الإلهي الذي يقول فيه ربنا( تبارك وتعالي): (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد)[ فصلت: آية53].
وبدهي أن يتباين موقف العلماء من تلك الإشارات الكونية في كتاب الله بتباين الأفراد وخلفياتهم الثقافية وأزمانهم, وباتساع دائرة المعرفة الإنسانية في مجال الدراسات الكونية( التي تعرف اليوم باسم دراسات العلوم البحتة والتطبيقية) من عصر إلي عصر, وأول من بسط القول في ذلك الإمام الغزالي(ت505هـ) في كتابيه إحياء علوم الدين وجواهر القرآن والذي رفع فيهما شعارات عديدة منها أن القرآن الكريم يشمل العلوم جميعا و أن من صور إعجاز القرآن اشتماله علي كل شيء, وأن كل شيء, وأن كل العلوم تشعبت من القرآن, حتى علم الهيئة, والنجوم, والطب إلي آخر ما ذكر.
وتبع الإمام الغزالي في ذلك كثيرون, كان من أشهرهم في القديم العلامة الشيخ الفخر الرازي( ت606 هـ), وفي الحديث فضيلة الشيخ طنطاوي جوهري( ت1359 هـ), مما أدي إلي بروز المنهج العلمي في تفسير القرآن الكريم, والذي يعتمد في تفسير الإشارات الكونية الواردة في كتاب الله علي ضوء من معطيات العلوم الحديثة, مع تفاوت في ذلك من عصر إلي عصر. ويعتبر تفسير الرازي المعنون مفاتيح الغيب أول تفسير يفيض في بيان المسائل العلمية والفلسفية, خاصة ما يتعلق منها بعلم الهيئة, وغير ذلك من العلوم والفنون التي كانت معروفة في زمانه, والتي كان هو علي معرفة بها.
أما تفسير الشيخ طنطاوي جوهري والمعنون الجواهر في تفسير القرآن الكريم فيعتبر أضخم تفسير ينهج النهج العلمي, إذ يقع في خمسة وعشرين جزءا كبارا, حاول فيها الشيخ( يرحمه الله) تفسير القرآن الكريم تفسيرا يتجاوب مع روح العصر, وما وصلت إليه المعارف الإنسانية في مجال دراسات الكون وما فيه من أجرام سماوية, ومن عوالم الجمادات والأحياء, ومن الظواهر الكونية التي تصاحبها, والسنن الإلهية التي تحكمها, ليبرهن للقارئ أن كتاب الله الخالد قد أحاط بالكون في تفصيل وبيان وإيضاح غفل عنه كثير من السابقين, وأنه بحق ينطوي علي كل ما وصل, وما سيصل إليه البشر من معارف.
هذا, وقد نعي الشيخ الجوهري( يرحمه الله) علي علماء المسلمين إهمالهم للجانب العلمي في القرآن الكريم, وتركيز جهودهم علي الجوانب البيانية والفقهية فقط بقوله:لماذا ألف علماء الإسلام عشرات الألوف من الكتب في علم الفقه, وعلم الفقه ليس له في القرآن إلا آيات قلائل لاتصل إلي مائة وخمسين آية ؟ فلماذا كثر التأليف في علم الفقه, وقل جدا في علوم الكائنات التي لا تكاد تخلو منها سورة؟.
ولذا فإننا نجده في مطلع تفسيره يتوجه بنداء إلي المسلمين يقول فيه: يا أمة الإسلام, آيات معدودات في الفرائض( يقصد آيات الميراث) اجتذبت فرعا من علم الرياضيات, فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها... هذا زمان العلوم, وهذا زمان ظهور الإسلام... هذا زمان رقيه, يا ليت شعري, لماذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله أباؤنا في علوم الميراث؟ثم يضيف: إن نظام التعليم الإسلامي لابد من ارتقائه, فعلوم البلاغة ليست هي نهاية علوم القرآن بل هي علوم لفظه, وما نكتبها اليوم( يقصد في تفسيره), علوم معناه....
ولم يكتف الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره بتتبع الآيات واستنتاج معانيها وفق ما ارتآه فيها من إشارات إلي مختلف الدراسات الحديثة, بل انه قد استعان في هذا التفسير ـ الفريد من نوعه ـ بكثير من صور النباتات والحيوانات والمظاهر الكونية, والوسائل التجريبية, كما استخدم الآراء الفلسفية عند مختلف المدارس الفكرية, وكذلك الأرقام العددية التي ينظمها حساب الجمل المعروف.
وقد اعتبر المفسرون من بني عصره ذلك المنهج العلمي في التفسير( كما اعتبر من قبل) جنوحا إلي الاستطراد في تأويل بعض آيات القرآن الكريم علي غير مقاصدها التشريعية والإيمانية, استنادا إلي الحقيقة المسلمة إن القرآن لم يأت لكي ينشر بين الناس القوانين العلمية ومعادلاتها, ولا جداول المواد وخصائصها, ولا قوائم بأسماء الكائنات وصفاتها, وإنما هو في الأصل كتاب هداية, كتاب عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات, وهي ركائز الدين التي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحة, والقرآن العظيم حين يلفت نظر الإنسان إلي مختلف مظاهر هذا الوجود إنما يعرض لذلك من قبيل الاستدلال علي قدرة الخالق العظيم وعلمه وحكمته وتدبيره ومن قبيل إقامة الحجة البينة علي الجاحدين من الكافرين والمشركين, ومن قبيل التأكيد علي إحاطة القدرة الإلهية بالكون وبكل ما فيه وعلي حاجة الخلق في كل لحظة من لحظات الوجود إلي رحمة ذلك الخالق العظيم.
فهذا هو الشيخ محمد رشيد رضا( يرحمه الله) يكتب في مقدمة تفسيره المنار ما نصه:..... وقد زاد الفخر الرازي صارخا آخر عن القرآن هو ما يورده في تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها من العلوم الحادثة في الملة علي ما كانت عليه في عهده, كالهيئة الفلكية اليونانية وغيرها, وقلده بعض المعاصرين(ويقصد الشيخ طنطاوي جوهري) بإيراد مثل هذا من علوم العصر وفنونه الكثيرة الواسعة, فهو يذكر فيما يسميه تفسير الآية, فصولا طويلة ـ بمناسبة كلمة مفردة, كالسماء أو الأرض ـ من علوم الفلك والنبات والحيوان, تصد القارئ عما أنزل الله لأجله القرآن.
وعلي الرغم من استنكار علماء التفسير لهذا المنهج العلمي قديما وحديثا, إلا أن عددا كبيرا من العلماء المسلمين ظل مؤمنا بأن الإشارات الكونية في كتاب الله أي الآيات المتعلقة ببعض أشياء هذا الكون علي إجمالها وتناثرها بين آيات الكتاب المجيد ـ تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن ثم فهي حق مطلق, وصورة من صور الإعجاز في كتاب الله ـ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ وان ذلك قد لا يتضح إلا للراسخين في العلم من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية( كل في حقل تخصصه), وحتى هؤلاء يظل يتسع إدراكهم لذلك الإعجاز باتساع دائرة المعرفة الإنسانية جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر, مصداقا لقول الحق تبارك وتعالي: (إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين)[ ص:87 و88]
ولقول رسول الله( صلي الله عليه وسلم) في وصفه للقرآن الكريم بأنه لا تنقضي عجائبه, ولا يخلق من كثرة الرد:.
ومن هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية ـ في كل عصر وفي كل جيل ـ أن تنفر منهم طائفة للتسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من إلمام بقدر كاف من علوم اللغة العربية وآدابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه وأصوله, وعلم الكلام وقواعده, مع معرفة بعادات المجتمع العربي الأول, وإحاطة بأسباب النزول, وبالمأثور في التفسير, وبالسيرة النبوية المطهرة, وباجتهاد أعلام السابقين من أئمة المفسرين, وغير ذلك من الشروط التي حددها علماء التفسير وأصوله, ثم تقوم تلك الطائفة علي شرح آيات الكتاب الحكيم ـ كل فيما يخصه ـ حتى تستبين للناس جوانب من الإعجاز في كتاب الله, لم يكن من السهل بيانها قبل عصر العلم الذي نعيشه. وحتى يتحقق قول الله تعالي في محكم كتابه: (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون)[ الأنعام: آية67]
وانطلاقا من ذلك الفهم, ظهرت مؤلفات عديدة تعالج قضية الإعجاز العلمي في كتاب الله من أشهرها في القديم كتاب كشف الأسرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية لمحمد بن احمد الاسكندراني الطبيب( وهو من علماء القرن الثالث عشر الهجري).
ورسالة عبد الله فكري( وهو من وزراء المعارف السابقين في مصر في مطلع هذا القرن) والتي يقارن فيها بين بعض مباحث علم الهيئة( الفلك) وبين الوارد من نصوص القرآن الكريم في ذلك, وكتاب الإسلام والطب الحديث لعبد العزيز إسماعيل, ورياض المختار لأحمد مختار( الغازي), وكتابا معجزة القرآن في وصف الكائنات و التفسير العلمي للآيات الكونية لحنفي أحمد, وكتابا في سنن الله الكونية و الإسلام في عصر العلم لمحمد أحمد الغمراوي, وإعجاز القرآن في علم طبقات الأرض لمحمد محمود إبراهيم, و العلوم الطبيعية في القرآن ليوسف مروة, وسلسلة كتب كل من محمد جمال الدين الفندي وعبد الرزاق نوفل في نفس الموضوع, وكتاب أضواء من القرآن علي الإنسان ونشأة الكون والحياة لعبد الغني الخطيب, والقرآن والعلم لأحمد محمود سليمان, ومن إشارات العلوم في القرآن الكريم لعبد العزيز سيد الأهل, و محاولة لفهم عصري للقرآن لمصطفي محمود, وتفسير الآيات الكونية لعبد الله شحاتة, والإسلام والعلم التجريبي ليوسف السويدي, والقرآن تفسير الكون والحياة لمحمد العفيفي, وكتاب الإنجيل والقرآن والعلم لموريس بوكاي, وكتاب خلق الإنسان بين الطب والقرآن لمحمد علي البار, هذا بالإضافة إلي ماظهر مؤخرا من كتب ومجلات عديدة وأبواب كثيرة عن الإعجاز العلمي في القرآن وردت مجمعة في كتب إسلامية متعددة, أو متناثرة في كثير من التفاسير التي حررت في النصف الأخير من هذا القرن.
هذا من جهة, ومن جهة أخري فقد تعرض هذا المنهج ـ بحق أحيانا, وبغير ذلك في أحيان أخري كثيرة ـ للمزيد من النقد والتجريح الذي أسس علي أن معجزة القرآن هي في الأصل معجزة بيانه الذي أدرك أساطين اللغة العربية فيه, ومنذ سماع أولي آياته, أنه علامة فارقة بين كلام الله وكلام البشر, وأن علينا أن نفهم الإسلام كما بينه نبي الإسلام( صلوات الله وسلامه عليه) وكان من شواهد ذلك ومبرراته حيود عدد من الذين تعرضوا للقضايا الكونية في القرآن عن جادة الطريق إما عن قصور في فهم الحقائق العلمية, أو انتفاء لشروط القدرة علي الاجتهاد في التفسير, أو لكليهما معا, وعلي الرغم من ذلك كله, فقد تمكن هذا السيل من الكتابات عن الإعجاز العلمي في آي القرآن الكريم من تهيئة النفوس لقبول ذلك المنهج, حتى قام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر بتشكيل عدد من اللجان العلمية التي ضمت إلي علماء القرآن وتفسيره, والحديث ورجاله والفقه وأصوله, والشريعة وعلومها, واللغة العربية وآدابها, والتاريخ الإسلامي وتفاصيله, عددا من كبار العلماء والباحثين والمفكرين في مختلف جنبات المعرفة الإنسانية, وقد قام كل هؤلاء بمدارسة كتاب الله في اجتماعات طالت لسنين كثيرة, ثم تبلورت في تفسير موجز تحت اسم المنتخب في تفسير القرآن, كتب بأسلوب عصري وجيز, سهل مبسط, واضح العبارة, بعيد عن الخلافات المذهبية, والتعقيدات اللفظية والمصطلحات الفنية, وقد أشير في هوامشه إلي ما ترشد إليه الآيات القرآنية من نواميس الحياة وأسرار الكون, ووقائعه العلمية التي لم تعرف إلا في السنوات الأخيرة, والتي خصها ذلك التفسير في مقدمته بأنه لا يمكن إلا أن يكون القرآن قد أشار إليها لأنه ليس من كلام البشر, ولكنه من كلام خلاق القوي والقدر, الذي وعد بذلك في محكم هذا الكتاب فقال: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد)[ فصلت: آية53]. كما تمت الإشارة في مقدمة هذا التفسير الوجيز إلي أنه سيتلوه تفسير آخر وسيط في شيء من البسط والتفصيل يليه المفصل إن شاء الله تعالي.
حجة المعارضين لتعبير الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
وقبل استعراض مواقف المفسرين في عصرنا الحاضر من الآيات الكونية في كتاب الله( أي الآيات التي تحتوي علي إشارات لبعض أشياء هذا الكون من مثل السماوات والأرض, والشمس والقمر, والنجوم والكواكب, والجبال والأحجار, والأنهار والبحار, والرياح والسحاب والمياه, والرعد والبرق, ومراحل الجنين في الإنسان, وبعض صور الحيوان ومنتجاته والنبات, ومحاصيله وثماره وغير ذلك) لابد لنا من الإشارة إلي أن بعض الكتاب من القدامى والمعاصرين ـ علي حد سواء.. قد اعترض علي استخدام لفظ معجزة ومشتقاته في الإشارة إلي عجز الإنسان عن الإتيان بمثل هذا القرآن أو بشئ من مثله, أو إلي استعصاء تقليد القرآن الكريم علي الجهد البشري واستعلائه عليه, لأنه كلام الله تعالي, المغاير لكلام البشر جملة وتفصيلا, ولو أنه أنزل بأسلوب يفهمه البشر وقت نزوله وفي كل عصر من العصور التالية لنزوله إلي أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها.
وحجة المعترضين علي لفظ معجزة ومشتقاته تقوم علي أساس من أن اللفظ لم يرد له ذكر في كتاب الله بالمعني الشائع اليوم, ولا في الصحيح من الأحاديث النبوية الشريفة وإن وردت مشتقاته للدلالة علي عدد من المعاني القريبة أو المغايرة قليلا لذلك في ستة وعشرين موضعا من القرآن الكريم بألفاظ أعجز, ومعجزين, ومعاجزين وعجوز وأعجاز وتصريفاتها ودلالاتها في تلك المواضع قد تبعد قليلا عما أريد التعبير عنه بلفظ المعجزة عند علماء اللغة, خاصة أن القرآن الكريم قد أشار دوما إلي مدلول المعجزة بلفظ آية(بصيغة المفرد والمثني والجمع) في أكثر من380 موضعا منها قول الحق تبارك وتعالي: (وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه) [الأنعام: أية37]
وقوله( عز من قائل): (وقال الذين لايعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية)[ البقرة: آية118]
وقوله تعالي: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك)[ البقرة: أية145]
وقوله: (سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة)[ البقرة: آية211]
وقوله تعالي علي لسان أحد أنبياء بني إسرائيل: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت... إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين..)
[ البقرة: آية248]
قوله تعالي علي لسان نبيه صالح( عليه السلام) مخاطبا قومه: (... هذه ناقة الله لكم آية....) [الأعراف: الآية73]
وقوله علي لسان فرعون وقومه وهم يعارضون سيدنا موسي( علي نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم):
(وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين)[ الأعراف: أية132]
وهذه حجة مردودة لأن التعبير عن إعجاز القرآن قد استخدم منذ القرون الهجرية الأولي, ولم يجد علماء المسلمين من الصحابة والتابعين غضاضة في استخدام هذا التعبير علي الرغم من عدم وروده بهذا المعني في كتاب الله.
منقول
(قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)( الإسراء:88)
كما سخر ربنا( تبارك وتعالي) ممن ادعي من المشركين أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد افتراه, وهو النبي الأمي الذي لا يعرف القراءة أو الكتابة لحكمة يعلمها الله, فقد تحدي الله تعالي العرب علي ما كانوا عليه من علم بأسرار العربية وأسباب البلاغة ـ أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات, أو حتى بسورة من مثله, ولا يزال هذا التحدي قائما دون أن يستطيع بشر مجابهته علي الرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنا علي مجئ التنزيل بقول الله تعالي: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين* فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا اله إلا هو فهل انتم مسلمون)[ هود:13 و14]
وعلي قول الحق تبارك وتعالي: (وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)[ البقرة:23]
وقد عجزت القدرات البشرية, ولا تزال عاجزة عن أن تداني كتاب الله في روعة بيانه, أو في كمال صفاته, ودقة دلالاته, وصدق أنبائه, وسمو معانيه, وعدالة تشريعه, أو في نهجه وصياغته, وتمام أحاطته بطبائع النفس البشرية, وقدرته علي التعامل معها وهدايتها, ودقة استعراضه لمسيرة البشرية من لدن أبينا آدم( عليه السلام) إلي بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين( عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم) ومن هنا كان القول( بإعجاز القرآن)
أوجه الإعجاز في القرآن الكريم:
تتعدد أوجه الإعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه, فكل آية من آياته فيها اعجاز لفظي وبياني ودلالي, وكل مجموعة من الآيات, وكل سورة من السور طالت أم قصرت, بما فيها من قواعد عقدية, أو أوامر تعبدية, أو قيم أخلاقية, أو ضوابط سلوكية, أو إشارات علمية, إلي شيء من أشياء هذا الكون الفسيح ومافيه من ظواهر وكائنات, وكل تشريع, وكل قصة, وكل واقعة تاريخية, وكل وسيلة تربوية, وكل نبوءة مستقبلية, كل ذلك يفيض بجلال الربوبية, ويتميز عن كل صياغة انسانية ويشهد للقرآن بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن يأتي بشيء من مثله.
وقد أفاض المتحدثون عن أوجه الإعجاز في كتاب الله, وكان منهم من رأي ذلك في جمال بيانه, ودقة نظمه, وكمال بلاغته, أو في روعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها, وقدرتها علي مخاطبة الناس علي اختلاف مداركهم وأزمانهم, وإشعاعها بجلال الربوبية في كل آية من آياته.
ومنهم من أدرك أن إعجاز القرآن في كمال تشريعه, ودقة تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله, أو في استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم( عليه السلام) إلي خاتم الأنبياء والمرسلين(عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي السلام), مما لم يكن يعلم تفاصيله أحد من الناس.
ومنهم من رأي إعجاز القرآن الكريم في منهجه التربوي الفريد, وأطره النفسية السامية والعلمية في نفس الوقت, والثابتة علي مر الأيام, أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويلة, أو في إشاراته إلي العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن معروفا لأحد من البشر وقت نزول القرآن ولا لمئات من السنين بعد ذلك النزول, ومنهم من رأي إعجاز القرآن في صموده علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا لكل محاولات التحريف التي قامت بها قوي الشر المتعددة متمثلة في الكفرة والمشركين والملاحدة علي مدي تلك القرون العديدة وذلك لأن الله تعالي تعهد بحفظه فحفظ قال تعالي: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: آية9]. ومن العلماء من يري إعجاز القرآن في ذلك كله وفي غيره مما يقصر الحديث دونه.
الإعجاز النظمي للقرآن الكريم:
كانت الكثرة الكاثرة من القدامى والمعاصرين علي حد سواء قد ركزوا اهتمامهم علي ناحية نظم القرآن الكريم فهذا ابن عطية الأندلسي(ت546 هـ) يذكر في مقدمة تفسيره(278/1) ما نصه: إن الله قد أحاط بكل شيء علما, فإذا ترتبت اللفظة من القرآن, علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولي, وتبين المعني بعد المعني, ثم كذلك من أول القرآن إلي آخره, والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول, ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لايحيط بذلك, فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة, وبهذا يبطل قول من قال: ان العرب كان في قدرتهم الاتيان بمثله فصرفوا عن ذلك, والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط, ولهذا نري البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولا, ثم ينظر فيها فيغير منها, وهلم جرا, وكتاب الله لو نزعت منه لفظة, ثم أدير لسان العرب علي لفظة أحسن منها لم يوجد... وقامت الحجة علي العالم بالعرب, اذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة.
وهذا هو الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين أحد العلماء المعاصرين يكتب فصلا في إعجاز القرآن( كتقديم لترجمته لكتاب الظاهرة القرآنية للمفكر الإسلامي الأستاذ مالك بن نبي( يرحمه الله) يحدد فيه الإعجاز في دائرة البيان والنظم حيث يقول: ان الآيات القليلة من القرآن, ثم الآيات الكثيرة, ثم القران كله, أي ذلك كان في تلاوته علي سامعيه من العرب, الدليل الذي يطالبه بان يقطع بأن هذا الكلام مفارق لجنس كلام البشر, وذلك من وجه واحد, هو وجه البيان والنظم.
وإذا صح إن قليل القرآن وكثيره سواء من هذا الوجه, ثبت أن ما في القرآن جملة, من حقائق الأخبار عن الأمم السابقة, ومن أنباء الغيب, ومن دقائق التشريع, ومن عجائب الدلالات علي ما لم يعرفه البشر من أسرار الكون إلا بعد القرون المتطاولة من تنزيله, كل ذلك بمعزل عن الذي طولب به العرب, وهو إن يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم, ومن وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين...
ولكن إذا جاز هذا التحديد علي موقف التحدي من مشركي العرب ـ علي الرغم من عدم وجود الدليل علي ذلك ـ فانه بالقطع لا يجوز علي إطلاقه, خاصة أن العرب اليوم في جملتهم قد فقدوا الحس اللغوي الذي تميز به أسلافهم, وأن التحدي بالقرآن للإنس والجن متظاهرين هو تحد مستمر قائم إلي يوم الدين, مما يؤكد أن ما في القرآن من أمور الغيب, وحقائق التاريخ, ومن فهم دقيق لمكنون النفس البشرية وحسن الخطاب في هدايتها وإرشادها وتربيتها, ومن مختلف الصور التي ضربت لعجائب آيات الله في خلقه, ومن غير ذلك مما اكتشفه ولايزال يكتشفه( في كتاب الله) متخصصون في كل حقل من حقول المعرفة, لا يمكن أن يبقي بمعزل عن ذلك التحدي المفضي الي الاعجاز القرآني, والدال علي أن القرآن كلام الله.
نشأة منهج التفسير العلمي لكتاب الله:
يزخر القرآن الكريم بالعديد من الآيات التي تشير إلي الكون وما به من كائنات( أحياء وجمادات), والي صور من نشأتها, ومراحل تكونها, والي العديد من الظواهر الكونية التي تصاحبها, والسنن الإلهية التي تحكمها, وما يستتبعه كل ذلك من استخلاص للعبرة, وتفهم للحكمة, وما يستوجبه من إيمان بالله, وشهادة بكمال صفاته وأفعاله, وهو ـ سبحانه وتعالي ـ الخالق الباريء المصور الذي أبدع ذلك الخلق بعلم وقدرة وحكمة لا تحدها حدود, ولا يفيها حقها وصف.
وقد أحصي الدارسون من هذه الإشارات الكونية في كتاب الله ما يقدر بحوالي الألف آية صريحة, بالإضافة إلي آيات أخري عديدة تقرب دلالاتها من الصراحة, وبدوام اتساع دائرة المعرفة الإنسانية, وتكرار تأمل المتأملين في كتاب الله, وتدبر المتدبرين لآياته ـ جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر ـ لن ينفك العلماء والمتخصصون يكتشفون من حقائق الكون الثابتة في كتاب الله ما يؤكد علي تحقق الوعد الإلهي الذي يقول فيه ربنا( تبارك وتعالي): (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد)[ فصلت: آية53].
وبدهي أن يتباين موقف العلماء من تلك الإشارات الكونية في كتاب الله بتباين الأفراد وخلفياتهم الثقافية وأزمانهم, وباتساع دائرة المعرفة الإنسانية في مجال الدراسات الكونية( التي تعرف اليوم باسم دراسات العلوم البحتة والتطبيقية) من عصر إلي عصر, وأول من بسط القول في ذلك الإمام الغزالي(ت505هـ) في كتابيه إحياء علوم الدين وجواهر القرآن والذي رفع فيهما شعارات عديدة منها أن القرآن الكريم يشمل العلوم جميعا و أن من صور إعجاز القرآن اشتماله علي كل شيء, وأن كل شيء, وأن كل العلوم تشعبت من القرآن, حتى علم الهيئة, والنجوم, والطب إلي آخر ما ذكر.
وتبع الإمام الغزالي في ذلك كثيرون, كان من أشهرهم في القديم العلامة الشيخ الفخر الرازي( ت606 هـ), وفي الحديث فضيلة الشيخ طنطاوي جوهري( ت1359 هـ), مما أدي إلي بروز المنهج العلمي في تفسير القرآن الكريم, والذي يعتمد في تفسير الإشارات الكونية الواردة في كتاب الله علي ضوء من معطيات العلوم الحديثة, مع تفاوت في ذلك من عصر إلي عصر. ويعتبر تفسير الرازي المعنون مفاتيح الغيب أول تفسير يفيض في بيان المسائل العلمية والفلسفية, خاصة ما يتعلق منها بعلم الهيئة, وغير ذلك من العلوم والفنون التي كانت معروفة في زمانه, والتي كان هو علي معرفة بها.
أما تفسير الشيخ طنطاوي جوهري والمعنون الجواهر في تفسير القرآن الكريم فيعتبر أضخم تفسير ينهج النهج العلمي, إذ يقع في خمسة وعشرين جزءا كبارا, حاول فيها الشيخ( يرحمه الله) تفسير القرآن الكريم تفسيرا يتجاوب مع روح العصر, وما وصلت إليه المعارف الإنسانية في مجال دراسات الكون وما فيه من أجرام سماوية, ومن عوالم الجمادات والأحياء, ومن الظواهر الكونية التي تصاحبها, والسنن الإلهية التي تحكمها, ليبرهن للقارئ أن كتاب الله الخالد قد أحاط بالكون في تفصيل وبيان وإيضاح غفل عنه كثير من السابقين, وأنه بحق ينطوي علي كل ما وصل, وما سيصل إليه البشر من معارف.
هذا, وقد نعي الشيخ الجوهري( يرحمه الله) علي علماء المسلمين إهمالهم للجانب العلمي في القرآن الكريم, وتركيز جهودهم علي الجوانب البيانية والفقهية فقط بقوله:لماذا ألف علماء الإسلام عشرات الألوف من الكتب في علم الفقه, وعلم الفقه ليس له في القرآن إلا آيات قلائل لاتصل إلي مائة وخمسين آية ؟ فلماذا كثر التأليف في علم الفقه, وقل جدا في علوم الكائنات التي لا تكاد تخلو منها سورة؟.
ولذا فإننا نجده في مطلع تفسيره يتوجه بنداء إلي المسلمين يقول فيه: يا أمة الإسلام, آيات معدودات في الفرائض( يقصد آيات الميراث) اجتذبت فرعا من علم الرياضيات, فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها... هذا زمان العلوم, وهذا زمان ظهور الإسلام... هذا زمان رقيه, يا ليت شعري, لماذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله أباؤنا في علوم الميراث؟ثم يضيف: إن نظام التعليم الإسلامي لابد من ارتقائه, فعلوم البلاغة ليست هي نهاية علوم القرآن بل هي علوم لفظه, وما نكتبها اليوم( يقصد في تفسيره), علوم معناه....
ولم يكتف الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره بتتبع الآيات واستنتاج معانيها وفق ما ارتآه فيها من إشارات إلي مختلف الدراسات الحديثة, بل انه قد استعان في هذا التفسير ـ الفريد من نوعه ـ بكثير من صور النباتات والحيوانات والمظاهر الكونية, والوسائل التجريبية, كما استخدم الآراء الفلسفية عند مختلف المدارس الفكرية, وكذلك الأرقام العددية التي ينظمها حساب الجمل المعروف.
وقد اعتبر المفسرون من بني عصره ذلك المنهج العلمي في التفسير( كما اعتبر من قبل) جنوحا إلي الاستطراد في تأويل بعض آيات القرآن الكريم علي غير مقاصدها التشريعية والإيمانية, استنادا إلي الحقيقة المسلمة إن القرآن لم يأت لكي ينشر بين الناس القوانين العلمية ومعادلاتها, ولا جداول المواد وخصائصها, ولا قوائم بأسماء الكائنات وصفاتها, وإنما هو في الأصل كتاب هداية, كتاب عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات, وهي ركائز الدين التي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحة, والقرآن العظيم حين يلفت نظر الإنسان إلي مختلف مظاهر هذا الوجود إنما يعرض لذلك من قبيل الاستدلال علي قدرة الخالق العظيم وعلمه وحكمته وتدبيره ومن قبيل إقامة الحجة البينة علي الجاحدين من الكافرين والمشركين, ومن قبيل التأكيد علي إحاطة القدرة الإلهية بالكون وبكل ما فيه وعلي حاجة الخلق في كل لحظة من لحظات الوجود إلي رحمة ذلك الخالق العظيم.
فهذا هو الشيخ محمد رشيد رضا( يرحمه الله) يكتب في مقدمة تفسيره المنار ما نصه:..... وقد زاد الفخر الرازي صارخا آخر عن القرآن هو ما يورده في تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها من العلوم الحادثة في الملة علي ما كانت عليه في عهده, كالهيئة الفلكية اليونانية وغيرها, وقلده بعض المعاصرين(ويقصد الشيخ طنطاوي جوهري) بإيراد مثل هذا من علوم العصر وفنونه الكثيرة الواسعة, فهو يذكر فيما يسميه تفسير الآية, فصولا طويلة ـ بمناسبة كلمة مفردة, كالسماء أو الأرض ـ من علوم الفلك والنبات والحيوان, تصد القارئ عما أنزل الله لأجله القرآن.
وعلي الرغم من استنكار علماء التفسير لهذا المنهج العلمي قديما وحديثا, إلا أن عددا كبيرا من العلماء المسلمين ظل مؤمنا بأن الإشارات الكونية في كتاب الله أي الآيات المتعلقة ببعض أشياء هذا الكون علي إجمالها وتناثرها بين آيات الكتاب المجيد ـ تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن ثم فهي حق مطلق, وصورة من صور الإعجاز في كتاب الله ـ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ وان ذلك قد لا يتضح إلا للراسخين في العلم من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية( كل في حقل تخصصه), وحتى هؤلاء يظل يتسع إدراكهم لذلك الإعجاز باتساع دائرة المعرفة الإنسانية جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر, مصداقا لقول الحق تبارك وتعالي: (إن هو إلا ذكر للعالمين* ولتعلمن نبأه بعد حين)[ ص:87 و88]
ولقول رسول الله( صلي الله عليه وسلم) في وصفه للقرآن الكريم بأنه لا تنقضي عجائبه, ولا يخلق من كثرة الرد:.
ومن هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية ـ في كل عصر وفي كل جيل ـ أن تنفر منهم طائفة للتسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من إلمام بقدر كاف من علوم اللغة العربية وآدابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه وأصوله, وعلم الكلام وقواعده, مع معرفة بعادات المجتمع العربي الأول, وإحاطة بأسباب النزول, وبالمأثور في التفسير, وبالسيرة النبوية المطهرة, وباجتهاد أعلام السابقين من أئمة المفسرين, وغير ذلك من الشروط التي حددها علماء التفسير وأصوله, ثم تقوم تلك الطائفة علي شرح آيات الكتاب الحكيم ـ كل فيما يخصه ـ حتى تستبين للناس جوانب من الإعجاز في كتاب الله, لم يكن من السهل بيانها قبل عصر العلم الذي نعيشه. وحتى يتحقق قول الله تعالي في محكم كتابه: (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون)[ الأنعام: آية67]
وانطلاقا من ذلك الفهم, ظهرت مؤلفات عديدة تعالج قضية الإعجاز العلمي في كتاب الله من أشهرها في القديم كتاب كشف الأسرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية لمحمد بن احمد الاسكندراني الطبيب( وهو من علماء القرن الثالث عشر الهجري).
ورسالة عبد الله فكري( وهو من وزراء المعارف السابقين في مصر في مطلع هذا القرن) والتي يقارن فيها بين بعض مباحث علم الهيئة( الفلك) وبين الوارد من نصوص القرآن الكريم في ذلك, وكتاب الإسلام والطب الحديث لعبد العزيز إسماعيل, ورياض المختار لأحمد مختار( الغازي), وكتابا معجزة القرآن في وصف الكائنات و التفسير العلمي للآيات الكونية لحنفي أحمد, وكتابا في سنن الله الكونية و الإسلام في عصر العلم لمحمد أحمد الغمراوي, وإعجاز القرآن في علم طبقات الأرض لمحمد محمود إبراهيم, و العلوم الطبيعية في القرآن ليوسف مروة, وسلسلة كتب كل من محمد جمال الدين الفندي وعبد الرزاق نوفل في نفس الموضوع, وكتاب أضواء من القرآن علي الإنسان ونشأة الكون والحياة لعبد الغني الخطيب, والقرآن والعلم لأحمد محمود سليمان, ومن إشارات العلوم في القرآن الكريم لعبد العزيز سيد الأهل, و محاولة لفهم عصري للقرآن لمصطفي محمود, وتفسير الآيات الكونية لعبد الله شحاتة, والإسلام والعلم التجريبي ليوسف السويدي, والقرآن تفسير الكون والحياة لمحمد العفيفي, وكتاب الإنجيل والقرآن والعلم لموريس بوكاي, وكتاب خلق الإنسان بين الطب والقرآن لمحمد علي البار, هذا بالإضافة إلي ماظهر مؤخرا من كتب ومجلات عديدة وأبواب كثيرة عن الإعجاز العلمي في القرآن وردت مجمعة في كتب إسلامية متعددة, أو متناثرة في كثير من التفاسير التي حررت في النصف الأخير من هذا القرن.
هذا من جهة, ومن جهة أخري فقد تعرض هذا المنهج ـ بحق أحيانا, وبغير ذلك في أحيان أخري كثيرة ـ للمزيد من النقد والتجريح الذي أسس علي أن معجزة القرآن هي في الأصل معجزة بيانه الذي أدرك أساطين اللغة العربية فيه, ومنذ سماع أولي آياته, أنه علامة فارقة بين كلام الله وكلام البشر, وأن علينا أن نفهم الإسلام كما بينه نبي الإسلام( صلوات الله وسلامه عليه) وكان من شواهد ذلك ومبرراته حيود عدد من الذين تعرضوا للقضايا الكونية في القرآن عن جادة الطريق إما عن قصور في فهم الحقائق العلمية, أو انتفاء لشروط القدرة علي الاجتهاد في التفسير, أو لكليهما معا, وعلي الرغم من ذلك كله, فقد تمكن هذا السيل من الكتابات عن الإعجاز العلمي في آي القرآن الكريم من تهيئة النفوس لقبول ذلك المنهج, حتى قام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر بتشكيل عدد من اللجان العلمية التي ضمت إلي علماء القرآن وتفسيره, والحديث ورجاله والفقه وأصوله, والشريعة وعلومها, واللغة العربية وآدابها, والتاريخ الإسلامي وتفاصيله, عددا من كبار العلماء والباحثين والمفكرين في مختلف جنبات المعرفة الإنسانية, وقد قام كل هؤلاء بمدارسة كتاب الله في اجتماعات طالت لسنين كثيرة, ثم تبلورت في تفسير موجز تحت اسم المنتخب في تفسير القرآن, كتب بأسلوب عصري وجيز, سهل مبسط, واضح العبارة, بعيد عن الخلافات المذهبية, والتعقيدات اللفظية والمصطلحات الفنية, وقد أشير في هوامشه إلي ما ترشد إليه الآيات القرآنية من نواميس الحياة وأسرار الكون, ووقائعه العلمية التي لم تعرف إلا في السنوات الأخيرة, والتي خصها ذلك التفسير في مقدمته بأنه لا يمكن إلا أن يكون القرآن قد أشار إليها لأنه ليس من كلام البشر, ولكنه من كلام خلاق القوي والقدر, الذي وعد بذلك في محكم هذا الكتاب فقال: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد)[ فصلت: آية53]. كما تمت الإشارة في مقدمة هذا التفسير الوجيز إلي أنه سيتلوه تفسير آخر وسيط في شيء من البسط والتفصيل يليه المفصل إن شاء الله تعالي.
حجة المعارضين لتعبير الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
وقبل استعراض مواقف المفسرين في عصرنا الحاضر من الآيات الكونية في كتاب الله( أي الآيات التي تحتوي علي إشارات لبعض أشياء هذا الكون من مثل السماوات والأرض, والشمس والقمر, والنجوم والكواكب, والجبال والأحجار, والأنهار والبحار, والرياح والسحاب والمياه, والرعد والبرق, ومراحل الجنين في الإنسان, وبعض صور الحيوان ومنتجاته والنبات, ومحاصيله وثماره وغير ذلك) لابد لنا من الإشارة إلي أن بعض الكتاب من القدامى والمعاصرين ـ علي حد سواء.. قد اعترض علي استخدام لفظ معجزة ومشتقاته في الإشارة إلي عجز الإنسان عن الإتيان بمثل هذا القرآن أو بشئ من مثله, أو إلي استعصاء تقليد القرآن الكريم علي الجهد البشري واستعلائه عليه, لأنه كلام الله تعالي, المغاير لكلام البشر جملة وتفصيلا, ولو أنه أنزل بأسلوب يفهمه البشر وقت نزوله وفي كل عصر من العصور التالية لنزوله إلي أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها.
وحجة المعترضين علي لفظ معجزة ومشتقاته تقوم علي أساس من أن اللفظ لم يرد له ذكر في كتاب الله بالمعني الشائع اليوم, ولا في الصحيح من الأحاديث النبوية الشريفة وإن وردت مشتقاته للدلالة علي عدد من المعاني القريبة أو المغايرة قليلا لذلك في ستة وعشرين موضعا من القرآن الكريم بألفاظ أعجز, ومعجزين, ومعاجزين وعجوز وأعجاز وتصريفاتها ودلالاتها في تلك المواضع قد تبعد قليلا عما أريد التعبير عنه بلفظ المعجزة عند علماء اللغة, خاصة أن القرآن الكريم قد أشار دوما إلي مدلول المعجزة بلفظ آية(بصيغة المفرد والمثني والجمع) في أكثر من380 موضعا منها قول الحق تبارك وتعالي: (وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه) [الأنعام: أية37]
وقوله( عز من قائل): (وقال الذين لايعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية)[ البقرة: آية118]
وقوله تعالي: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ماتبعوا قبلتك)[ البقرة: أية145]
وقوله: (سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة)[ البقرة: آية211]
وقوله تعالي علي لسان أحد أنبياء بني إسرائيل: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت... إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين..)
[ البقرة: آية248]
قوله تعالي علي لسان نبيه صالح( عليه السلام) مخاطبا قومه: (... هذه ناقة الله لكم آية....) [الأعراف: الآية73]
وقوله علي لسان فرعون وقومه وهم يعارضون سيدنا موسي( علي نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم):
(وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين)[ الأعراف: أية132]
وهذه حجة مردودة لأن التعبير عن إعجاز القرآن قد استخدم منذ القرون الهجرية الأولي, ولم يجد علماء المسلمين من الصحابة والتابعين غضاضة في استخدام هذا التعبير علي الرغم من عدم وروده بهذا المعني في كتاب الله.
منقول
زكريا محمد وحيد- عدد المساهمات : 1167
تاريخ التسجيل : 16/10/2010
العمر : 74
الموقع : العباسيه القاهره
مواضيع مماثلة
» 6 معجزات القرآن الكريم .معجزة القرآن مرج البحرين
» كلمة مصر في القرآن الكريم
» النظام الرقمي في القرآن الكريم
» القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم
» الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
» كلمة مصر في القرآن الكريم
» النظام الرقمي في القرآن الكريم
» القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم
» الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى